«التبصرة» وروى عنه صحيح البخاري، ولما لقي اللخمي سأله ما جاء بك؟ فقال جئت لأنسخ تأليفك التبصرة، فقال له إنما تريد أن تحملني في كفّك إلى المغرب أو كلاما هذا معناه مشيرا إلى أن علمه كله في هذا الكتاب.
وأخذ عن الإمام المازري فقرأ عليه أصول الفقه، وعلم الكلام، وكان المازري إماما مبرزا فيهما. في هذا الجو العلمي تنفس المترجم، وتأثر به، فكان مثل شيخه اللخمي مائلا إلى الاجتهاد في الفقه، متمكّنا من الأصلين أصول الدين (علم الكلام) وأصول الفقه مثل شيخنا الإمام المازري، شاعرا أديبا لغويا مثل شيخه الشقراطسي وإذا كانت تونس قبيل ذلك العصر نبتت فيها طلائع متأثرة بتعاليم شيخ أهل السنّة أبي الحسن الأشعري في علم الكلام مع العناية بأصول الفقه، وميل بعض فقهائها إلى الاجتهاد المذهبي، فإن الطابع الغالب لدى فقهاء المغربين الأوسط والأقصى في عهد المرابطين هو النفور من علم الكلام، وأصول الفقه، ولقد لقي المترجم المتاعب والمقاومة من الفقهاء والرؤساء زمن استقراره بالمغرب الأقصى عند ما أقرأ علم الكلام، وعلم أصول الفقه.
وبعد أن استكمل المترجم رحلته العلمية رجع إلى بلده توزر ثم بارحها في ظروف غامضة لظلم الوالي له، ولبث متجوّلا بين مدن الجزائر والمغرب الأقصى مدرّسا للنحو، والفقه، والأصول، وعلم الكلام، سالكا طريق الزهد والتقشف، ففي الجزائر أخذ عنه النحو عبد الملك بن سليمان التاهرتي، وفي فاس أقرأ «اللمع» في أصول الفقه لأبي إسحاق الشيرازي، ودرّس علم الكلام وذلك سنة ٤٩٠/ ١٠٩٧.
دخل ابن دبوس قاضي فاس الجامع والمترجم يدرّس علم الكلام، فأمر بإبطال الدرس، ولما انتقل إلى سجلماسة جنوبي المغرب