الأقصى استمر في تدريس الأصلين، فأمر ابن بسّام أحد رؤساء البلد بطرده من المسجد قائلا:«هذا يريد أن يدخل علينا علوما لا نعرفها».
وقد تأثر المترجم بهذه المضايقة والمعاملة السيئة من أجل نشره لعلمين غير معروفين في المغرب ودعا على مضطهديه ولعلّه في هذه الفترة قال بيتيه المشهورين:
أصبحت في من له دين بلا أدب ... ومن له أدب خال من الدين
أصبحت فيهم غريب الشكل منفردا ... كبيت حسان في ديوان سحنون
أشار في العجز الأخير إلى بيت حسان بن ثابت في باب الجهاد من المدوّنة:
وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير
ويبدو أن المترجم كان متأثرا بتعاليم الإمام الغزالي الصوفية الفلسفية المتقيدة بالأصول الإسلامية، ومعجبا به غاية الإعجاب، لما أفتى ابن حمدين قاضي قرطبة بحرق كتاب «إحياء علوم الدين» للغزالي وتابعه على فتواه طائفة من الفقهاء الرسميين بالأندلس والمغرب الأقصى، وانصاع أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين المرابطي لرأي الفقهاء فأصدر أمره بجمع نسخ الإحياء وبإحراقها وتحليف الناس الأيمان المغلظة أن ليس لديهم «الإحياء» كتب إليه المترجم معارضا لفتوى ابن حمدين ومنتصرا للغزالي ومفتيا بعدم لزوم تلك الأيمان، وكان المترجم قد انتسخ كتاب الإحياء في ثلاثين جزءا ليقرأ منه جزءا في كل يوم من أيام رمضان ويقول:«وددت أني لم انظر في عمري سوى هذا الكتاب».
ولعلّ هذه المضايقات المستمرة دعت المترجم إلى الخروج من المغرب الأقصى والاستقرار بالقطر الجزائري منتقلا بين مدنه كبجاية