واشتهار بحسن السلوك باتّباع السنّة في جليل الأمور ودقيقها ومجافاة للبدعة من أين كان مأتاها ولو من الصوفية الذين كانوا محلّ قدوة من الجميع.
ويبدو أن المترجم اشتغل بالتجارة في مصر إذ في القاهرة تقيم جالية صفاقسية تشتغل بالتجارة، وبذلك وفّر نصيبا من المال يسّر له القيام بشئون طلبة الزاوية، ويرجّح هذا أنه كان فقيرا، ولو بقي على حالته لما استطاع أن يبرّ الطلبة، وامر اشتغاله بالتجارة مدة مجاورته بالأزهر لم يذكره المترجمون له لكن برّه للطلبة بالطعام والكسوة يؤيد ذلك وإلا فمن أين أتاه المال؟
وفي أوقات فراغه يشتغل في داره بالحياكة، وهي صناعة شريفة رابحة في ذلك التاريخ، وليست هي عندهم كما قال بعضهم:«فلا حنّ حجام ولا حاك فاضل».
وإذا كان حلوله كالغيث في البلد الماحل الجديب أروى العقول من ظمأ الجهل، وأيّد السنّة، وقاوم البدعة، وأحسن إلى الضعفاء والمكروبين، كما عمل على نشر التصوف الخالي من بدع السماع والرقص بين تلامذته وغيرهم مقتديا في مسلكه وربما في طريقته بشيخه محمد بن محمد بن ناصر الدرعي، وهو يلقن تلاميذه بعض الأوراد والأذكار، ويدربهم على ممارسة طقوس التصوّف الخالية من البدع، وهذا لا غرابة فيه بالنسبة لمقاييس ذلك العصر، وفيه شاع بين الطلبة الانتساب إلى طريقة من الطرق الصوفية، ومعروف أن الطرق الصوفية تهتم قبل كل شيء بالتربية العلمية والروحية، ومن ثمّ كان التدريب العملي على العبادة والذكر والأخلاق الدينية أحد المعالم الكبرى للتربية القائمة في ذلك العهد (الدكتور إبراهيم اللبان، التربية الإسلامية التي يحتاج إليها العالم الإسلامي في الوقت الحاضر، مط/