المناقشات اللفظية وإضاعة الوقت فيما لا يجدي، فإن أسلوب العصر يقتضي الاقتصاد في مثل هذه المباحث بتقرير الإعراب الذي يساعد على فهم المعنى، وعدم الإكثار من المجادلات الجوفاء التي لا يخرج منها الطالب بأية فائدة، والإيغال في مسائل الإعراب والبلاغة يصدّ عن الفهم الصحيح لكتاب الله، وكأن الرجل يعيش في القرون الخوالي لا في عصرنا، ويوم الانتهاء من تفسير الآية أو الآيات يجيء حاملا لعدة كتب تفسير كتفسير الآلوسي، وتفسير المنار لمحمد رشيد رضا وغيرهما، وعند ما يفتح تفسير محمد رشيد رضا لا يصرّح باسمه وإنما يقول «قال بعض المتأخرين» وسبب هذا ما يكنّه له من نفرة لما دار بينهما من جدل حول بعض المسائل ولمباينته للشيخ محمد رشيد رضا في تفكيره واتجاهه.
سمعت منه مرة في درس التفسير أن الخرقة المملوءة بخرء الذباب إذا دفنت في الأرض نبت منها نبات النعنع، وعجبت من سماع هذه الخرافة من رجل يعتبره الكثيرون من أعلام عصره، وهذه الخرافة آتية من فكرة التولّد الذاتي (generation spontanee) وهي التي سدد إليها باستور الضربات المميتة في القرن الماضي بواسطة التجارب المتعددة، وقلت في نفسي هل إن الرجل خال من كل ثقافة حديثة؟ وقد تتّبعت له مرة كتابه في التراجم فوجدته لا حسّ تاريخي له، ولا تفكير منظم عنده إذ مسّت المناسبة للكلام عن حكم التكنّي بكنية النبي صلّى الله عليه وسلم (أبي القاسم) فأطال في إيراد الأقوال، فخرج من بحثه في الترجمة إلى بحث فقهي لا صلة له بالموضوع، وكان بإمكانه أن يشير له إشارة خفيفة في الهامش مع الإحالة على المصادر، وبذلك لا يخرج عن منهج البحث التاريخي ولا عن منهج البحث العلمي المنظّم الذي أصبح الاستطراد فيه والانتقال من موضوع إلى موضوع من العيوب الفكرية المنهجية، وله كتابات إسلامية وكتابات في التراجم