عن أمرك فقال: يا ولدي إني سألتك في أول قدومك عن بلدك وهل هو قريب من المسلمين وهل يغزونكم أو تغزونهم؟ لأستخبر به ما عندك من المنافرة للإسلام، فاعلم يا ولدي أن (البار قليط) هو اسم من أسماء نبيهم محمد صلّى الله عليه وسلم أنزل الكتاب الرابع المذكور على لسان دانيال عليه السلام - واخبر انه سينزل هذا الكتاب عليه وإن دينه دين الحق، وملته هي الملة البيضاء والمذكورة في الإنجيل.
فقلت: يا سيدي وما تقول في دين النصارى؟
فقال: يا ولدي لو أن النصارى قاموا على دين عيسى عليه السلام - لكانوا على دين الله - لأن عيسى وجميع النبيين دينهم دين الله تعالى.
فقلت: وكيف الخلاص؟
فقال: بالدخول في دين الإسلام.
فقلت: وهل ينجو الداخل فيه؟
قال لي: نعم ينجو في الدنيا والآخرة.
فقلت له: يا سيدي ان العاقل يختار لنفسه أفضل ما يعلم، فإذا علمت فضل دين الإسلام فما منعك من الدخول فيه؟
فقال لي: يا ولدي إن الله لم يطلعني على فضل دين الإسلام وشرف نبي الإسلام إلى بعد كبر سني وضعف جسمي، ولا عذر لنا فيه بل حجة الله علينا قائمة، ولو هداني الله لذلك وأنا في سنك لتركت كل شيء ودخلت في دين الحق، وحب الدنيا رأس كل خطيئة فأنت ترى ما أنا فيه عند النصارى من رفعة الجاه والعز والترقي وكثرة عرض الدنيا، ولو أني ظهر عليّ شيء من الميل إلى دين الإسلام لقتلني العامة في أسرع وقت، وهب أني نجوت منهم وخلصت إلى المسلمين فأقول: إني جئتكم مسلما فيقولون لي: قد نفعت نفسك بالدخول في دين الحق فلا تمنن علينا في دين خلصت به نفسك من عذاب الله، فأبقى بينهم شيخا فقيرا ابن تسعين سنة لا أفقه لسانهم ولا يعرفون حقي، فأموت بينهم بالجوع، وأنا والحمد لله على دين محمد - صلّى الله عليه وسلم - وعلى ما جاء به وإن كنت على دين عيسى ظاهرا يعلم الله ذلك مني.
فقلت له: يا سيدي أفتدلني أن أمشي إلى بلاد المسلمين أو أدخل في دينهم؟
فقال لي: إن كنت عاقلا طالبا للنجاة فبادر إلى ذلك تحصل لك الدنيا والآخرة، ولكن يا ولدي هذا أمر لم يحضره أحد معنا الآن فاكتمه بغاية جهدك، وإن ظهر عليك شيء منه يقتلك العامة لحينك ولا أقدر على نفعك، ولا ينفعك أن تنقل ذلك عني فأني وقولي مصدق عليك وقولك غير مصدق عليّ، وأنا بريء من دمك ان فهت بشيء من هذا.