للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مؤسف أرجو أن لا ينخدع القرّاء به لأن البشير خريف وجه قبل كل شيء قصته إلى القارئ التونسي.

في هذه المرة لم يتخاذل المترجم، وقد بلغ من النضج الفكري ما يؤهله لخوض المعركة، فكتب بمجلة الفكر بالسنة ٤ بالعدد ١٠ بالصفحة ١٩ مقاله الشهير «خطر الفصحى على العربية» ردّا على المحافظين قال فيه: «إن اللغة كائن حيّ وكل حيّ تتجدد خلاياه».

وكان لا يهمل وقته يذهب سدى بدون فائدة، بل كان دائما إما يطالع، وإما يكتب، حتى في أوقات الراحة الصيفية فترة الراحة من عناء العمل الرسمي، قال عن نفسه: وكان المصيف سنة ١٩٥٦ في «الزهراء» فاستأجرت مغني لأحد الفرنسيين الذين يقضون راحتهم بفرنسا، فتركه لنا كامل العدة بما في ذلك مكتبته فكنت انظر فيها حتى عثرت بقصة لجان جاك غوتيبه، فيها من الحرية والجرأة والصدق ما شفى نفسي، واستفاقت علّتي، وأجبرت على راحة طويلة الأمد، فتلهيت بتصنيف قصتي «حبك درباني»، وطبّقت ما كان يتحرّق إليه علي الدوعاجي، ولا زلت إن شاء الله.

ونفهم من هذا أنه بالرغم مما وجّه إليه من حملات مصر على إجراء الحوار في قصصه باللغة الدارجة.

وقصصه منتزعة من واقع الحياة التونسية، فهو لا يدور في فراع، وحتى قصته ذات الصبغة التاريخية (برق الليل) التي تعود أحداثها إلى القرن العاشر الهجري في فترة احتلال خير الدين بربروس للعاصمة قد جعل من التاريخ إطارا لا هدفا لتحريك القصة، ولم ينس تصوير الحياة التونسية في ذلك العهد.

وانطفأ هذا المشعل الوضّاء يوم الأحد في ١٨ ديسمبر ١٩٨٣ فيما بين الساعة السابعة والثامنة مساء، وفي يوم الثلاثاء ٢٠ ديسمبر شيّع

<<  <  ج: ص:  >  >>