المعلوم أن البلدية إذ ذاك بيد الاستعماريين، وماذا يكون الانعكاس ورد الفعل في كافة الأوساط إزاء كتاب يباركه غلاة الاستعمار، ويمدحه يهودي، وترعاه الكنيسة في الخارج؟
ومن ذيول الحملة عليه أن الحزب القديم أغرى بعض الأوباش والصعاليك بشتمه وإهانته إذا مروا به، وهذا ينافي الآداب الإسلامية قال الله تعالى:{وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً} والحملة انحرفت عن الخط الإسلامي بالرغم من حماس القائمين بها في تشدقهم بخدمة الإسلام.
وإزاء هذه المضايقة المتناهية اضطر إلى الانزواء في منزله وتسببت له هذه الصدمة في مرض القلب، ولم يبطئ أن وافاه الأجل في عنفوان الشباب، وأبّنه اصدقاؤه ورثوه بمراثي كثيرة من أحسنها مرثية صديقه وتلميذه الصحفي الأديب السيد الهادي العبيدي وطالعها:
وللمترجم نشاط سياسي ونقابي، فقد عمل في صفوف الحزب القديم، واشترك مع الدكتور محمد علي الحامي في تكوين النقابات التونسية، وكان كاتبا واضح الأسلوب قوي الحجة، نشر في الصحف كثيرا من المقالات السياسية والنقابية، ومنها سلسلة فصول في مناقشة الأستاذ دارويل الاشتراكي حول استقلال النقابات التونسية عن النقابات الفرنسية، والاشتراكيون يرون في هذا الاستقلال تشتيتا لقوى العمال، وهم في الحقيقة يخفون فكرة الابتلاع الاستعمارية، وكان لهذه المقالات صدى طيب ووقع حسن في الوسط، وحاز بها شهرة ككاتب صحفي ممتاز، ومفكر لامع.
وله شعر قيد به خواطره وآراء لا تسري فيه حرارة العاطفة، وإنما تبدو عليه برودة التفكير، ويسف أحيانا إلى حد النظم الخالي من الروح وأصدقاؤه ومحبوه منذ كان حيا هم: أحمد الدرعي صديقه الحميم وزميله في الدراسة، وقد سلم له آثاره المخطوطة قبيل وفاته كديوان شعره