النابي من سوء الأدب مع النبي - صلّى الله عليه وسلم - وإيذاء لشعور المواطنين الذين يحترمونه بالغ الاحترام.
إن الحداد لو تحاشى الخوض في مثل هذه المسائل، واقتصر على تعليم البنت وسفورها لم تبلغ الحملة عليه ذروتها من الحدة، ولنوقش في بقية آرائه مناقشة هادئة مثل مسألة السفور، غاية ما في الأمر أن يكون مخطئا في التأويل أو الفهم أو يكون مقلدا لغيره.
والحداد بآرائه قد أعان على نفسه، فهل هي الشجاعة الأدبية التي تبلغ حد التهور أو الجهل باتجاهات المجتمع وآرائه وعقيدته، لا أظن هذا لأنه معروف بحدة ذكائه ورصانته.
وقد اعتبره أنصاره ومؤيدوه نصيرا للمرأة في تونس، وقيل إنه في الاتجاهات العامة لكتابه كان مقلدا للكاتب التركي الملحد ضياء كوك الب، والحداد لا يعرف اللغة التركية، وإنما اطلع على تفكيره من خلال قراءة الصحف والمجلات فاختزنت ذاكرته ما قرأ وأملته عليه عند تدوين كتابه، وكان الكتّاب الأتراك السائرون في اتجاه مصطفى كمال، والمفلسفون لمبادئه لهم دوي عند الكثيرين في ذلك العصر شرقا وغربا، ويعتبر تأييدهم والهتاف لما يدعون إليه تقدمية، وذلك لأسباب نفسية وفكرية لا داعي لذكرها.
ومما ألقى ظلالا مظلمة على الكتاب، وأثار غيوم الريب في سلامة اتجاهه وقصده عند معاصريه أن جريدة «لاتونيزي فرانساز» ذات النزعة الاستعمارية المتطرفة نشرت في ديسمبر ١٩٣٠ مقالا في مناصرة الكتاب، وهذه الجريدة كان شعارها «إذا لقيت عربيا وأفعى فابدأ بقتل العربي» كما ناصرت الكتاب جريدة «تونس الاشتراكية»(الفرنسية اللسان) منها أربع مقالات للدكتور كوهين حضرية اليهودي الذي قيل عنه إنه أخطر الاشتراكيين الفرنسيين، كما أن الكنيسة قامت بتوزيع الكتاب خارج تونس، وكان المؤلف على صلة وثيقة بالقس يوسف سلام من الآباء البيض، وأقامت البلدية لمؤلف الكتاب حفلة تكريم بكازينو البلفدير، ومن