للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نهمه الأدبي واللغوي فحضر الدروس التي تلائم اتجاهه، وواظب على الحضور بدروس العلامة الشيخ سالم بو حاجب. ووالدته فاطمة بنت فرحات قرجي لقنته مبادئ الحروف والحساب واللغة:

ومن فاطم أمي استفدت دراستي ... فمنها تعلمت الكلام المركبا

ومنها تعلمت الحساب مدققا ... وتخطيط ما سطرت من الف وبا

وفي غير أوقات الدراسة ينكب على المطالعة في مكتبة والده الفخمة بما فيها من مراجع قيمة، وهكذا استكمل ثقافته بكده وجده.

ولما جاوز مرحلة الشباب الأولى، واكتملت رجولته، وصار يتصل بالمجتمع داخل القصر، تزوج الأميرة حسينة بنت محمد المأمون باي من الأسرة المالكة وأنعم عليه بعد زواجه بشهر واحد برتبة ضابط في القصر، وتدرج في سلم الترقي من رتبة ملازم إلى رتبة بوزباشي فبنباشي، وأحرز على الوسام الشرفي من الرتبة الرابعة، بمناسبة خروج الزعيم الشيخ عبد العزيز الثعالبي من السجن كان من بين المستقبلين والمهنئين له بقصيد من روائع شعره، فسخط عليه القصر والادارة العسكرية والاستعمار لأن في موقفه معنى الانتماء إلى حزب المعارضة، ومقاومة الحكم وطواغيته وهو ما لا يرضى عنه القصر، ولا السفارة الفرنسية، والنتيجة السريعة لموقفه هي الزج به في ظلمات السجن العسكري لمدة نصف شهر، وبعد خروجه من السجن بادر بالاستقالة من وظيفته للخروج من حياة رتيبة في القصر تعد الأنفاس وتستقصي الحركات والسكنات، وانتسب إلى الحزب الحر الدستوري الذي مدح زعيمه، وهو حزب ثائر على القصر، على ما في القصر من مغريات بالنسبة له من مرتب شهري محترم، وروابط الصهر والقرابة، ولكن النفوس الحرة تؤثر الحياة الطليقة على ما فيها من شظف وكفاح على حياة الرخاء والنعومة والجاه المكبلة للخطى، ووجد في هذا الانطلاق من السدود والقيود ما يشبع نهم الشاعرية عنده.

وسأكتفي بوظيف شعري عائشا ... ما بين اقلامي وبين محابري

<<  <  ج: ص:  >  >>