«يا سيدي! إن الأمر متعين عليك، وصار واجبا شرعيا في حقك، وحاشاك أن تترك واجبا».
- فقال له:«أتشهد بذلك»؟ .
- فقال:«نعم أشهد به».
- فقال:«من يشهد معك؟ ».
- فقال له:«تلميذك الشيخ محمد الأصرم كاهية باش كاتب» وكان جالسا أمام الباي.
- فقال:«أشهد بذلك، وأدين الله به».
- فقال للباي:«أقبلت شهادة هؤلاء».
- فقال:«نعم! وأنا معهم».
- فقال:«ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن» وقبل الولاية وألبس خلعتها بحضرة الباي».
وقدم للتدريس من الرتبة الأولى بجامع الزيتونة، عند وضع ترتيب التدريس به المشير الأول أحمد باشا باي في شهر رمضان ١٢٥٥/ ١٨٤٢ وقدمه المشير الأول المذكور للخطابة والإمامة بجامع الزيتونة في السنة نفسها، وهو أول من جمع بين هاتين الخطتين: رئاسة أهل الشورى والإمامة والخطابة بجامع الزيتونة.
والمترجم يمثل النضوج العلمي الذي بلغ أوجه في أيام المشير الأول أحمد باشا باي، كما يمثل خير تمثيل شخصية رجال العصر الحسيني في أخذه من معارف عصره من كل شيء بطرف، ففي الوقت الذي يحرر البحوث العلمية الدقيقة، نجده ينشئ الخطب، ويدبّج الرسائل، وينظم الشعر، وهو عالم أكثر منه أديبا، وهو شاعر أكثر منه كاتبا، وقد كان بحق أبا للنهضة التي ابتدأت في أواسط العصر الحسيني بنقده، وتوجيهه، وكثرة الشيوخ الذين تخرجوا عليه، ونوّروا النصف الثاني من القرن التاسع عشر/الثالث عشر هـ.ولعبوا دورا كبيرا في التمهيد لحركة الاصلاح التي قام بها خير الدين، وبعد أول أديب تونسي عرّف بالأديب التونسي في الخارج.