للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الحق، والزهادة في الدنيا، والتخشن في الملبس والمطعم، والسماحة والترك، لا يقبل من السلطان شيئا. وكان أول من شرد أهل الأهواء من المسجد الجامع وكانوا فيه حلقا من الصقرية والاباضية وكان حافظا للعلم، ولم يكن يهاب سلطانا في حق يقيمه».

وقال عيسى بن مسكين: سحنون راهب هذه الامة، ولم يكن بين مالك وسحنون أفقه من سحنون.

وقال أبو إسحاق الشيرازي: إليه انتهت الرئاسة في العلم بالمغرب، وعلى قوله المعوّل بالمعرب، وصنف المدونة وعليها يعتمد أهل القيروان، وحصل له من الأصحاب ما لم يحصل لأحد من أصحاب مالك في المغرب.

وعيشه من غروس زيتون بالساحل، وكان أحيانا يباشر شئونها بنفسه من حرث وغيره. قال عبد الجبار بن خالد: كنا نسمع من سحنون جالسا بمنزله بالساحل، فخرج علينا يوما وعلى كتفه المحراث وبين يديه الزوج (أي الثوران) فقال لنا: إن الغلام حمّ البارحة، فإذا فرغت اسمعتكم فقلت: أنا أذهب وأحرث، وأنت تسمع أصحابنا، فإذا جئت قرأت عليك ما فاتني، ففعل فلما جئته قرّب إليّ غداءه خبز شعير وزيتا قديما.

ومن كرمه وسماحته ما قاله أبو داود القطان: باع سحنون زيتونا له بنحو ثلاثمائة دينار ودفع ذلك إليّ، فكان يبعث إليّ البطائق يتصدق من ذلك المال إلى أن نفد، فاتيته بتلك البطائق ليحاسبني عليها، فقال لي: بقي من المال شيء؟ فقلت: لا، فرمى بالبطائق ولم يحاسبني وقال: إذا فرغ المال فلم أحاسبك؟

وقال محمد بن عبد الله الرعينيّ: لما سرت إلى الغزو إلى صفاقس مع سحنون فتح لنا مطمورة شعير لعلف دوابنا، فما كنا نأخذ منها بكيل سماحة منه في ذات الله.

قال غيره: وفدى سحنون يومئذ أسارى المسلمين وظن أن الأمير

<<  <  ج: ص:  >  >>