معه فغلبه اليهودي لقلة معرفته فلما حج محمد بن سحنون سبقه الرجل وأنشب المناظرة مع اليهودي حتى حانت الصلاة فصلى ابن سحنون الظهر، ثم رجع معه إلى المناظرة حتى كانت العصر فصلاها ثم كذلك المغرب ثم إلى العشاء، ثم إلى الفجر، وقد اجتمع الناس وشاع الخبر بمصر الفقيه المغربي يناظر اليهودي، فلما كانت صلاة الفجر انقطع اليهودي وتبين له الحق وأسلم، فكبّر الناس وعلت أصواتهم، فخرج ابن سحنون وهو يمسح العرق عن وجهه وقال لصاحبه: لا جزاك الله خيرا كادت تجري على يديك فتنة عظيمة تناظر يهوديا وأنت بضعف، فإن ظهر عليك اليهودي لضعفك افتتن من قدّر الله فتنته أو كما قال.
مذهبه في الايمان.
كان لا يستثني في مسألة الايمان أي لا يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وكان يقول: أنا مؤمن عند الله، وغالب ابن عبدوس وغيره، وكان ابن عبدوس وأصحابه وأهل مصر ينكرون ذلك عليه وعلى من يقوله وينسبون قائله إلى الارجاء. وكان ابن سحنون يقول: المرء يعلم اعتقاده فكيف يعتقد الايمان ثم يشك فيه؟ وبقي هو وأصحابه بعده بينهم وبين أصحاب ابن عبدوس وغيرهم في المسألة تنازع ومجادلات وكانوا يسمون من خالفهم الشكوكية لاستثنائهم. قال القاضي عياض: والمسألة قد كثر الخوض فيها وكلام الائمة عليها، والحقيقة فيها أنه خلاف في الألفاظ لا حقيقة، فمن التفت إلى مغيّب الحال والخاتمة وما سبق به القدر قال بالاستثناء ومن التفت إلى حال نفسه وصحة معتقده في وقته لم يقل به.
توفي بالساحل ونقل جثمانه إلى القيروان، وصلّى عليه الأمير ابراهيم ابن أحمد بن أحمد بن الأغلب وضرب على قبره قبة، وضربت الأقبية حول قبره وأقام الناس فيها شهورا كثيرة حتى قامت الأسواق والبيع والشراء حول