له: إن كان الأمر على ما وصفت فتحفّظ، وركب ابن سحنون من يومه إلى أحمد بن محمد الحضرمي فسأله أن يزيّن للأمير تولية ابن طالب التميمي على الصلاة، فأجابه الأمير إليه، فخرج الحضرمي بذلك إلى ابن سحنون فسأله كتم ذلك إلى وقت الخطبة من يوم الجمعة، وأرسل ابن سحنون في طلب ابن طالب فأعلمه بذلك وقال له: تهيأ فإذا رأيت ابن أبي الحواجب قد خرج من المقصورة فقم أنت بين يديه وأرق المنبر وأخطب، فلما كان يوم الجمعة هجّر ابن أبي الحواجب إلى الجامع فنزل في المقصورة وأتى ابن طالب فركع إلى جانب ابن سحنون، وسليمان بن عمران عند المنبر، فلما خرج ابن أبي الحواجب من المقصورة وهي حجرة قبلي الجامع، ورفع رجله إلى درجة المنبر صعد ابن طالب على المنبر وقد تقلّد السيف، ومدّ القيم يده إلى ثوب ابن أبي الحواجب فجذبه وكان سليمان بن عمران جالسا وقد نعس حينئذ فما راعه إلا صوت ابن طالب، فعلت سليمان بن عمران كآبة وتهلّل وجه ابن سحنون، واستمر ابن طالب في خطبته وتمت الصلاة، وانصرف سليمان إلى منزله وجمع شيوخ القيروان وأمرهم أن يسيروا إلى الأمير ليزكوا عنده ابن أبي الحواجب ويسألوه رده إلى الصلاة فبلغ الخبر ابن سحنون، فوجه إلى الحضرمي فأعلمه بالأمر، فلما أطل القوم على القصر أرسل إليهم الحضرمي أما تستحيون أن تسألوا الأمير أن يحط ابن عمه ومن أراد التنويه به وأن يشرّف صاحبكم انصرفوا فإنا لم نسألكم عن تزكية ولا عن جرحة، فانصرف القوم، فكانت تلك أول نكبة سليمان بن عمران، ثم لم تزل أمور ابن طالب تنمي وتزيد إلى أن عزل سليمان بن عمران، وولي ابن طالب قضاء أفريقية مكانه.
حج ابن سحنون سنة ٢٣٥/ ٩٤٦، ونزل في مصر على أبي رجاء ابن أشهب بن عبد العزيز، فقصده علماء مصر ووجوههم يسلمون عليه، وابن المزني أطال الجلوس معه ليخلو به فلما خرج أبو رجاء سأله عنه فقال:
لم أر - والله - أعلم منه ولا أحدّ ذهنا على حداثة سنه.
وذكر أن رجلا من أصحابه دخل حماما بمصر عليه رجل يهودي فتناظر