وركب البحر من استانبول في ذي القعدة ١٢٩٩/ ٢٤ سبتمبر ١٨٨٢ إلى جدة، ومنها أدى مناسك الحج، ولقي بمكة رجال علم ودين من الهنود كرحمة الله، وحبيب الرحمن الموسوي، والشيخين عبد الجليل برّادة، ومحمود التركزي الشنقيطي، وكان دخوله عن طريق البر إلى سوريا مع قافلة الحجاج المصريين والسوريين، وحجز بالمحجر الصحي في وادي الزرقاء.
وفي ليلة الخميس ٩ صفر والجمعة ١٠ منه سنة ١٣٠٠/ ٢١ - ٢٢ ديسمبر ١٨٨٢ علم بعدد من جريدة ثمرات الفنون التي وصلت إلى حاج مصري وفاة الصادق باي في ليلة ٢٧ - ٢٨ نوفمبر ١٨٨٢، وارتقاء أخيه علي باي العرش، فقرر المبادرة بالرجوع إلى تونس بعد إقامة بدمشق سمحت له بعقد اتصالات مختلفة، واقتبله الأمير عبد القادر الجزائري، ثم سافر إلى بيروت حيث تردد على رجال الادب والصحفيين من أشهرهم بطرس البستاني، وعدل عن فكرة زيارة القدس بسبب قلة الأمن لوجود قطاع الطريق، وركب البحر ١٤ ربيع الأول ١٣٠٠/ ٢٠ جانفي ١٨٨٣، وبعد وقفات قصيرة في بورسعيد ومالطة وصل إلى تونس يوم الاثنين ٢٦ ربيع الأول ١٣٠٠/ ٥ فيفرى ١٨٨٣.
وبرجوعه إلى العاصمة التونسية باشر وظيفته القديمة كاتبا بجمعية الأوقاف، وامتزج من جديد بالأوساط الفكرية والبورجوازية التي ما زالت مضطربة من الأحداث التي كانت بلادهم مسرحا لها وانتصاب الحماية الفرنسية. واهتمامات هاته الاوساط جعلتها حساسة للفصول ذات الاتجاه نحو الجامعة الاسلامية والمترجم يقرأ باهتمام كبير ما تنشره مجلة «العروة الوثقى» التي يصدرها بباريس جمال الدين الافغاني ومحمد عبده، وبعد صدور الأعداد الأولى من هذه المجلة وجه رسالة تقدير وإعجاب إلى الشيخ محمد عبدة.
وكان معجبا بأفكار جمال الدين الافغاني ومحمد عبده، ويبدو أنه كان من المؤسسين بتونس للجمعية السرية الحاملة لاسم العروة الوثقى، وفي