وحوالى سنة ١٣٢٤/ ١٩٠٦ فكر في فتح مدرسة قرآنية بصفاقس، وعرض الموضوع على بعض أعيان المدينة الذين راقت لهم الفكرة، وكلفوه باستصدار رخصة من إدارة العلوم والمعارف التي كان مديرها فرنسيا من طواغيت الاستعمار الذي لا يروق له تعليم اللغة القومية خارج اشرافه وتخطيطه، وأشعره عامل المدينة بوجوب التخلي عن هذه الفكرة بواسطة عضو في مجلس الشورى كان نصير الفكرة، وبعد عامين حل بصفاقس تلاميذ المدرسة القرآنية بالمكنين، وسمع الناس من محفوظاتهم وأناشيدهم ما أثار إعجاب العموم والخواص مما دعا السيدين أحمد السلامي ومحمد كمون من أعيان المدينة السعي لاستصدار رخصة مدرسة قرآنية، والأعيان في ذلك العصر تجاملهم السلطة الاستعمارية، وتسترضيهم، ونجحا في مسعاهما وتأسست المدرسة القرآنية «التهذيبية» في سنة ١٣٢٨/ ١٩٠٩.
وكان هذا حافزا للمترجم في إعادة طلب رخصة فتح مدرسة قرآنية فتحصل على الرخصة في سنة ١٣٣٠/ ١٩١١، وفتح المدرسة بداره الكائنة بنهج حنون رقم ٢٦ بمساعدة تلميذه أحمد بودبوس، وسماها المدرسة القرآنية «العلمية» ولم تطل مدة إدارته لهذه المدرسة لاسباب مالية وغيرها وعاد للتدريس بالجامع الكبير.
وكان له حس وطني صادق يكره الاستعمار وسياسته الملتوية ووعوده الكاذبة الجوفاء، فكون مع بعض معاصريه كالسيد أحمد المهيري صاحب جريدة «العصر الجديد»، والشيخ الطاهر طريفة جمعية سياسية سرية بعد انقضاء الحرب العالمية الأولى، وإعلان الهدنة، وكانت هذه الجمعية تعقد اجتماعاتها بدار الشيخ الطاهر طريفة قرب سيدي سعادة، ويظهر أن القائمين بهذه الجمعية لم يكونوا متكونين تكوينا سياسيا عميقا لأن بعض أسرار الجمعية تسربت إلى الخارج وانكشف أمرها لدى السلطة الاستعمارية فأقبرت بعد عمر قصير، وكان الجو العام السائد في تونس هو السعي للمطالبة بالوعود والحقوق، وانبثقت حركة شعبية لتحقيق هذه الاهداف بزعامة الشيخ عبد العزيز الثعالبي.