والنفس صبابة بالغرائب، وإن لم تكن من الأطايب لانفرادها عما سئمته القلوب وتجافت عنه الجنوب، إلا أن الابتداع والاختراع بينه وبين الاستطاعة حجاب، وقد كنت حاولت ما لم أسبق إليه، ولم أجعل سوى ناظري معينا عليه، فصنفت الكتاب الملقب ب «أبكار الأفكار» يشتمل على مائة نوع من مواعظ وأمثال وحكايات قصار طوال، مما عزوته إلى من لم يحكها، وأضفت نسمها إلى من لم يحكها، وقد طرزت بملح الجد والهزل، وحسنت بمقابلة الضد للمثل، وليس في ذلك كله رواية رويتها عن قديم ولا جديد، ولا حدثت بها عن قريب ولا بعيد، وقد وقعت إليه البكر ابنة الفكر، في هودجها الفرج، وجلبابها الأرج، وأتت الكفؤ الكريم، وأشرف من الهدي عليه الحريم الذي لا يشوبه التحريم، وعلى كرمك القبول، وما أهداه الود فمقبول». «فلما وصل الكتاب والخطاب إلى المعتمد لم يجد بدا من انفاذ صلته إليه من البعد» قال ابن بسام «ومع وصول هذه الصلة إلى ابن شرف لم يزل على ملوك الطوائف يومئذ يتطوف، وينتقل في الدول من منزل إلى منزل ومن بلد إلى بلد إلا حضره المعتمد فإنه كان يخاطبه وينشده:
أحبك في البتول وفي أبيها ... ولكني أحبك من بعيد
والظاهر من كلام ابن شرف الذي حكاه ابن بسام يشتمل على أحاديث في شكل مقامات يرويها عن شخص خيالي كما هو الشأن في المقامات.
٢) اعلام الكلام نقد في سلسلة «الرسائل النادرة» (القاهرة ١٩٢٦) هذه الرسالة هي نفسها رسائل الانتقاد المنشورة ضمن «رسائل البلغاء» ص ٣٠٢ - ٣٤٢ (القاهرة ١٩٢٦) ونشرة رسائل البلغاء مأخوذة من مجلة «المقتبس» السنة السادسة شرح ح. ح. عبد الوهاب ثم نشرت رسائل الانتقاد مفردة سنة ١٣٢٩/ ١٩١١ ط. المقتبس دمشق وتحتوي على:
أ) ملخص النسختين اللتين اعتمدهما المحقق ح. ح عبد الوهاب،