وقال علي إنه لا يبحث في هذا التأليف عن تحليل عميق للأعمال النقدية، والقسم الأول من مسائل الانتقاد كتب نثرا أخذ معناه صعب في الغالب لأجل الاقتضاب ونص الحديث الأول كان ناقصا لأن الشعراء المذكورين في المقدمة لم يستعرضوا كلهم، وأخيرا فإن أصالة هذا التأليف تظهر في تقديمه الشكل الأدبي للأحاديث التي أرجع نشأتها إلى الهمذاني والتي اختارها على غرار ابن دريد الذي لا يذكر اسمه واكتفى باستعمال كلمة «حديث» وبهذا العنوان تستحق مسائل الانتقاد المكانة الأولى، وهي مكانة من غير شك جديرة بالتقدير في أدب المقامات التي هي على الأرجح من أول نماذجها في المغرب.
ومسائل الانتقاد حققها الأستاذ شارل بالا Ch.Pellat مع ترجمة فرنسية (الجزائر ١٩٥٣) ومن نماذج ما في رسائل الانتقاد من آراء نقدية انه نعى على امرئ القيس تصريحه بالزنا فسلك مسلك الباقلاني ثم حكم بقوله «وكل ما يخزي من الشعر فهو من أشد عيوبه» ووصف فيه عبد بني الحسحاس بالسواد والحقارة وادعاء الزنا لقوله (من الطويل):
واقبلن من أقصى البيوت يعدنني ... نواهد لا يعرفن خلقا سوائيا
يعدن مريضا هنّ هيجن ما به ... الا أن بعض العائدات دوائيا
توسدني كفا وتحنو بمعصم ... علي وترمي رجلها من ورائيا
(انظر: الثعالبي ناقدا وأديبا محمود عبد الله الجادر، دار الرسالة للطباعة بغداد ١٣٩٦/ ١٩٧٦ ص ٢٨٣ - ٤).
٤) أذى البراغيث، قدم تأليفه هذا على أنه عمل أدبي أصيل يشتمل على المواعظ والحكم والمدائح، وتعرض فيه لمواضيع مختلفة: حقل أتلفه البرد، التماس لاشهاد عمامة، كلام سجين، وصف ملاذ الحياة، العداوة القرابة، الكرم البخل. الخ ..