عنه إنه كان يلقن الدروس، ويتوجه بنصائحه إلى المواطنين حتى في الطريق العام».
وفي هذا الطور كان مقبلا بشغف على مطالعة مجلة «الفتح» لصاحبها الكاتب الإسلامي محب الدين الخطيب، وجعلها مرجعا لدروسه.
وتقلد بعد التدريس إمامة الصلوات الخمس بالجامع الكبير سنة ١٩٢١، ثم تولى خطة الافتاء سنة ١٩٢٣ إلى أن توفي.
وكانت له مواقف سياسية وقفها في مناسبات عديدة كونت له شهرة واسعة وذكرا جميلا، ومن أشهرها وأعظمها فتواه في عام ١٩٣٢ في كفر المتجنّس وإنه تبعا لذلك لا يدفن في مقابر المسلمين، وسبب هذه الفتوى أن متجنسا توفي ببنزرت أرادت السلطة دفنه في مقابر المسلمين، فامتنع السكان وقاموا بمظاهرة، وتراجعت السلطة الاستعمارية ودفن هذا المتجنس بمقبرة مسيحية مهجورة.
قال الأستاذ رشيد الذوادي: «وقد سجل فيها (أي الحادثة) المرحوم محمد الحبيب بوقطفة دورا هاما. إذ بالإضافة إلى مقالاته الحماسية الرائعة حول هذا الموضوع في الصحافة التونسية أراد أن يفنّد ما تسعى إليه السلطة الحاكمة آنذاك من إرادة وسعي لمحو آثار الإسلام وطمس معالمه، فتقدم بسؤاله التالي إلى الشيخ إدريس مفتي بنزرت، وطلب منه إيضاح الحق وإنارة العقول، والتصدي لمن باعوا ضمائرهم وأرادوا تضليل هذا الشعب العربي المسلم».وقد كانت السلطة الاستعمارية جاهدة في نشر التجنيس بين المسلمين إمعانا في سياسة المسخ والذوبان حتى تنام ملء جفونها لا تخشى المطالبة بالحقوق أو الاحتجاج أو قيام المظاهرات تعبيرا عن عدم الرضا بسياستها الملتوية الماكرة المستهينة بحقوق الشعب، ورجال المحكمة الشرعية بالعاصمة وقفوا موقفا متخاذلا ضعيفا هو أقرب إلى تأييد التجنيس خوفا على مناصبهم وأشخاصهم، ولا مجال للرد عليهم، ولكنها كلمة عابرة لتوضيح موقف الشيخ ادريس في هذا الظرف المكفهر، وشجاعته الأدبية