للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عرضت الفكرة على المترجم أنكرها إنكارا شديدا وأبى أن يدخل الوظيفة ويترك الدراسة، واتصل بكتاب من الوزير محمد العزيز بوعتور يشرح له الأسباب الداعية لطلب انخراطهم في الوظائف، ويبين له ما للوطن من المصلحة الأكيدة في انتدابهم لذلك والتضحية بآمالهم العلمية في هذا السبيل الذي يحمده المؤسس لو كان حاضرا ويرى أنه من أكبر ثمرات مؤسسته إسداءها هذه الخدمة للوطن في هذا الوقت الحرج.

وكان لهذا الكتاب تأثيره عليه فاقتنع بصواب ولوج باب الوظيفة خدمة للمصلحة العامة، فسمي مترجما بالكتابة العامة سنة ١٣٠٠/ ١٨٨٢، وأظهر من سامي الخلال ورفيع الخصال ما لقت إليه أنظار المسئولين، وأسند إليه مع الترجمة محاسبات الإدارة العامة حتى استقل بها فكان أول رئيس لقسم الحسابات سنة /١٣٠٧/ ١٨٨٢.

لما أنشئ فرع ابتدائي للمدرسة الصادقية ببطحاء رمضان باي سمي مديرا له ومعلما به سنة ١٣٠٥/ ١٨٨٨.

وعند ما أنشأ على بوشوشة جريدة «الحاضرة» في ٢٤ ذي القعدة ١٣٠٥/ ٢ أوت ١٨٨٨ كان محررا فكتب فيها المقالات العلمية والاجتماعية والسياسية، فظهرت مقدرته في الكتابة الصحفية بحيث كان حاملا راية التحرير الصحفي بتونس في عصره.

وسعى لتأسيس الجمعية الخلدونية سنة ١٣١٤/ ١٨٩٦ لإلقاء دروس حرة ومحاضرات في المواد العلمية التي لا تدرس بجامع الزيتونة كالعلوم الرياضية والطبيعية والتاريخ والجغرافيا، فكان القصد من تأسيسها هو النهوض بالطلبة الزيتونيين وتلقيح معارفهم بالثقافة الحديثة. وكانت هذه العلوم تدرس في المدارس باللغة الفرنسية لا العربية، ومن هنا يظهر فضله وفضل رفاقه من خريجي الصادقية الأوائل على إحياء اللغة العربية وربطها بالعلوم الحديثة وعلى التلامذة الزيتونيين، وهذه الخطوة الجريئة لم يكن الطريق أمامها سهلا مفروشا بالورد فالاستعمار لا يشجع هذه المبادرة إن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>