الأموال إلى أن عملوها ميناء حلب وصارت تأتي بضائعهم إليها وتجلب منها. وكان الباعث لهم على ذلك أمران أحدهما ظلم حكام طرابلس الذين كانوا يتعدون على تلك البضائع.
وثانيهما قربها لحلب وحسن موقع مينائها الطبيعي. وفي سنة (١٢٣٨) حدث بها زلزلة دمرت معظمها فرممت وجعلت مخزنا عاما لجماعة من تجار الإنكليز لتكون محطة للهند وعمر بها خان لم تزل آثاره باقية حتى الآن.
وفي سنة (١٢٤٦) نقل إليها إبراهيم باشا المصري مهماته الحربية التي احتاج إليها في هذه الجهات وقطع من الغابات المجاورة لها الأخشاب العظيمة لينشئ فيها دار صناعة.
فعلا شأنها واتسعت تجارتها وصارت شبه قرية مكونة من عدة عشش يسكنها جماعة من سكان قرى قضاء بيلان. ثم صارت محط تجارة ولاية حلب وديار بكر وبغداد والموصل والأناضول. وحينما شكلت الحكومة ولاية حلب جعلتها مركز مأمور من قبل الضابطة ثم لما رأت أن قناصل الدول والسفن والتجار تزداد عليها تواردا يوما فيوما جعلتها مديرية وذلك في سنة ١٢٨٢ وفي سنة ١٢٩٥ رومية ألحقت بها ناحيتي أرسوز وعباجلي، وكانت من أعمال قضاء بيلان وجعلتها مركز قائمقامية قضاء.
وفي سنة ١٢٩٤ حدث بها حريق كبير أضرّ بها ضررا عظيما. وبالجملة فإن لهذه المدينة شأن عظيم «١» بالتجارة لأن ميناءها منها تخرج محاصيل حلب والموصل والقسم الشمالي من سوريا وقسم كبير من ولايات الأناضول. وفي سنة ١٣٠٣ ثم افتتاح طريق المركبات منها إلى حلب كما حكيناه في باب الحوادث وقد خطر لأهل الثروة من الإنكليز أن يمدوا منها إلى وادي الفرات سكة حديد ومنه تتصل بخليج العجم وأن يمدوا بعد ذلك خطا من السكة المذكورة إلى الشمال الغربي لتصلها بالقسطنطينية فسبقهم إلى ذلك الألمان.
والخلاصة أن هذه المدينة لو كانت جيدة المناخ لبلغت أضعاف ما هي عليه الآن. وماء عينها الكائنة على بعد نصف ساعة جيد جدا.
وفي حدود سنة ١٣٠٧ رخصت الحكومة لبعض الشركات أن تجر في هذه العين قناة توزعها في البلدة. فجرّتها بكيزان «٢» من الحديد وأعطت منها المنازل التي رغب أصحابها