للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من بين أصابعه (١) فهي خصيصة له لم تكن لأحد قبله ولا بعده (٢) أنبط (٣) لموسى عليه السلام الماء من الحجر (٤) وأنبط لمحمد، - صلى الله عليه وسلم -، من اللحم والدم، وقد أملينا في المعجزات أنه لم يؤتَ نبيّ معجزة ولا فضيلة إلا أوتي محمَّد، - صلى الله عليه وسلم -، مثلها أو أعظم، وكذلك قوله في محو السيئات بالخطايا وكتب الحسنات بها إنما ذلك في الصغائِر كما تقدم.

حديث: "إِذَا شَرِبَ الكَلْبَ في إِنَاءِ أحَدِكُمْ" (٥) الحديث فيه استعمال الشرب في كل حيوان، وفي بعض ألفاظ هذا الحديث "إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ في إِنَاءِ أَحَدِكُمْ" (٦). والحديث معضل، وقد اختلف الناس فيه هل يغسل للعبادة، أو للنجاسة، والصحيح أنه للعبادة لأنه عدده وأدخل فيه التراب ولا يدخل العدد ولا التراب في إزالة النجاسة.

حديث: قوله: "اسْتَقِيمُوا (٧) وَلَنْ تُحْصُوا" (٨) معناه ولن تطيقوا أن تستقيموا فسره


(١) متفق عليه، البخاري في كتاب الوضوء، باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة ١/ ٥٣ - ٥٤، ومسلم في كتاب الفضائل، باب في معجزاته - صلى الله عليه وسلم -: ٤/ ١٧٨٣ كلاهما من حديث أنس قال: "رَأَيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَحَانَتْ صَلَاةُ العَصْرِ فَالْتمَسَ النَّاسُ الوُضُوءَ فَأُتِيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، بِوُضُوءٍ ... قَالَ فَرَأَيْتُ المَاءَ يَنْبَعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوضَّؤُا عَنْ آخِرِهِمْ" لفط البخاري.
(٢) انظر الخصائص الكبرى: ١/ ٣٠٩.
(٣) نبط الماء ينبط نبطاً ونبوطاً: نبع. ترتيب القاموس: ٤/ ٣١٤.
(٤) قال السيوطي: وأوتى موسى نبع الماء من الحجر وقد وقع ذلك لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، وزاد بنبعه من بين الأصابع الشريفة وقال: قال أبو نعيم: وهو أعجب إن نبعه من الحجر متعارف معهود، وأما من بين اللحم والدم فلم يعهد. الخصائص الكبرى: ٢/ ١١٩.
(٥) متفق عليه، البخاري في الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإِنسان: ١/ ٥٤، ومسلم في الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب: ١/ ٢٣٤، والموطأ: ١/ ٣٥، كلهم عن أبي هريرة.
(٦) مسلم في الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب: ١/ ٢٣٤.
(٧) استقيموا يعني على الطريقة النهجة التي نهجت لكم. الاستذكار: ١/ ٢٦٢.
(٨) ورد بلاغاً في الموطأ: ١/ ٣٤، وقال ابن عبد البر يستند ويتصل من حديث ثوبان عن النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، من طرق صحاح. تجريد التمهيد: ٢٥٠، وقال في الاستذكار يتصل معنى هذا الحديث ولفظه مسنداً من حديث ثوبان، ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبيّ، - صلى الله عليه وسلم - الاستذكار: ١/ ٢٦٢.
قلت: حديث ثوبان أخرجه ابن ماجه من طريق سالم بن أبي الجعد عن ثوبان مرفوعاً بلفظ:"وَاعْلَمُوا أنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالكُمْ الصَّلَاةَ وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ" سنن ابن ماجه: ١/ ١٠١ - ١٠٢. قال البوصيري رجال إسناده ثقات أثبات إلا أنه منقطع بين سالم وثوبان فإنه لم يسمع منه بلا خلاف. مصباح الزجاجة: ١/ ٤١، ورواه الطيالسي في مسنده من نفس الطريق ص ١٣٤، والبيهقي في السنن الكبرى: ١/ ٤٥٧، وقال تابعه أبو كبشه السَّلولي عن ثوبان وابن أبي شيبة في المصنّف: ١/ ٥ - ٦، والخطيب في تاريخه: ١/ ٢٩٣، والحاكم في المستدرك: ١/ ١٣٠، وقال صحيح على شرط الشيخين، ولم =

<<  <   >  >>