للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالزيادة والنقصان، وعلى هذه الأصول انبنى اختلاف الاجتهاد بين العلماء وانظروا نوَّر الله بصائركم إلى أنموذج يجلو لكم عن بصيرة النظر ويغسل عنكم رحض (١) التقليد نورده عليكم في ثمان مسائل:

المسألة الأولى: أذَّن النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، وأقام وصلى فتعين الكل بفعله ثم سقط الوجوب في الأذان عن الفذ، كما بيّناه في الدليل الذي أوردناه، وبقيت الإِقامة فمن العلماء من أسقط وجوبها (٢) نظراً إلى أنها أخت الأذان شرِّعت تنبيهاً للغافل الحاضر واستدعاء للغائب القريب، كما شرِّع الأذان لمثله، ومنهم من أثبت وجوبها (٣) لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي: "وَأَقِمْ وَكبِّرْ" (٤) فأمره بالإِقامة كما أمره بالتكبير والاستقبال والوضوء، وحذارِ من ملبسة (٥) جرت في ألفاظ أصحابنا المغاربة إذ يقولون إن الصلاة تُعاد من ترك السنن لأنه ليس بين السنة والفرض فرق إلا الاعتداد و (٦) الإِسقاط، فأما أنتم الآن فقد وقعتم على الحديث وقد تعيَّن عليكم أن تقولوا بإحدى روايتيْ مالك الموافقة للحديث وهو أن الإِقامة فرض (٧)

المسألة الثانية. تكبيرة الإحرام وقد تقدمت (٨).

المسألة الثالثة: القراءة: قال (ح): هي فرض لأنها في القرآن، قال الله تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (٩) وهذا وهم لأنه لا خلاف بين العلماء أن الآية إنما نزلت في


(١) رحض رحضة كمنعه، أو رحضه: غسله: فهو مرحوض والمرحاض المغتسل، وقد يكنى به عن مطرح العذرة والمرحضة شيء يتوضأ فيه مثل الكنيف. مختار القاموس ٢٤٢.
(٢) كأبي حنيفة ومالك الشافعي فقالوا. هما سنتان، الإفصاح لابن هبيرة ١/ ١٠٨.
(٣) كأحمد إذ قال: الآذان والإقامة فرضان على أهل الأمصار على الكفاية إذا قام بها بعضهم أجزأ عن جميعهم. الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة ١/ ١٠٨.
(٤) تقدم.
(٥) أي اختلاط في الأمر قال ابن منظور: اللبس اختلاط الأمر. لسان العرب ٦/ ٢٠٤.
(٦) في (م) أو.
(٧) لم أطّلع هذا العزو لمالك في الموطّأ ولا في المدوّنة، ويقول ابن رشد: إنه لم يقل بفرضيتها إلا أهل الظاهر. ثم قال: وقال ابن كنانة، من أصحاب مالك: من تركها عامداً بطلت صلاته. بداية المجتهد١/ ٦ وانظر الكافي لابن عبد البر ١/ ٢٠١.
(٨) ص ٢١٨.
(٩) سورة المزمل آية ٢٠. انظر مذهب الأحناف في أحكام القرآن للجصاص ٣/ ٤٦٩، وقد ردّ المؤلف دليل الأحناف في الأحكام له ٤/ ١٨٧١.

<<  <   >  >>