للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة فيه من ثلاثة أوجه: الأول: أن هذا الحديث لم يصح وقد وصيناكم أن الاشتغال بما لم يصح عناء.

الثاني: أنه إن كان حجة علينا في ترك السلام فهو حجة على المخالف في ترك النية.

الثالث: أن معناه إن شئت أن تقعد فتزيد في الدعاء فافعل وان شئت أن تقوم فسلّم، وفي هذا جمع بين الأخبار وهو أولى من القول ببعضها وإسقاط البعض.

حديث علي في النهي (عن قراءة القرآن في الركوع) (١) ههنا أصل من أصول الفقه لم يتفطن له إلا مالك، رضي الله عنه، وهو أن مراتب الرواة من الصحابة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، خمس:

المرتبة الأولى: أن يقول الراوي: سمعت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ينهى عن الصلاة بعد العصر يقول: لا تصلى لا تصم وهذا أعلاها لأنه شاهد ونقل اللفظ (٢).


= ٢/ ١٠٤، الكاشف ٢/ ١٦٤، المجروجن لابن حبان ٢/ ٥٠ - ٥١.
أقول: ما ذهب إليه المؤلف من ضعف الحديث هنا قاله أيضاً في العارضة ٢/ ١٩٩، وكذلك ضعّفه الخطابي في معالم السنن ١/ ١٧٥، فقد قال: قلت هذا حديث ضعيف وقد تكلم أناس في بعض نقلته وقد عارضته الأحاديث التي فيها إيجاب التشهد والتسليم ولا أعلم أحداً قال بظاهره إلا أصحاب الرأي.
وقال النووي في المجموع ٣/ ٤٨١: ضعيف باتفاق الحفاظ ونظراً إلى كل ما تقدم من كلام الأئِمة فإن الحديث ضعيف.
(١) الحديث رواه مسلم في كتاب اللباس باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر ٣/ ١٦٤٨، وأبو داود ٤/ ٣٢٢، والترمذي ٢/ ٤٩، والنسائي ٢/ ١٨٩ - ١٩٠، والبيهقي في السنن ٢/ ٨٧، والبغوي في شرح السنة ٣/ ١٠٨، ومالك فيِ الموطّأ ١/ ٨٠، وأورده النووي في المجموع ٣/ ٤١٤، كلهم من حديث علي، رضي الله عنه، قال: نَهَاني رَسُولُ الله، - صلى الله عليه وسلم - "عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَب وَعنْ لبَاسِ القَسِّيِّ وَعَنِ الْقِرَاءة في الرُّكُوعِ وَالسجُودِ وَعَنْ لِباسِ الْمعَصْفَرِ".
أقول: رواية مالك ليس فيها إلا نهى.
(٢) قال ابن الصلاح: السماع من لفظ الشيخ وهو ينقسم إلى إملاء وتحديث من غير إملاء. وهذا القسم أرفع الأقسام عند الجماهير. مقدمة ابن الصلاح مع محاسن الاصطلاح ص ٢٤٥.
وهذا القول مروي عن القاضي عياض، انظر الإلماع ص ٦٩.
وقد أشار هنا الشارح إلى حديث متفق عليه أخرجه البخاري في المواقيت باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس ١/ ١٥٢، ومسلم في صلاة المسافرين باب الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها ١/ ٥٦٦، كلاهما عن أبي هُرَيرَة "أن رسُّولَ الله،- صلى الله عليه وسلم -، نَهى عَن الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْر حَتى تغْرب الشمس وَعَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتى تَطْلعَ الشَمْسُ" لفظ مسلم.

<<  <   >  >>