للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المرتبة الثانية: أن يقول الراوي من الصحابة: سمعت رسول الله،- صلى الله عليه وسلم -، ينهى عن الصلاة بعد العصر (١) وعن الصيام يوم (٢) النحر فهذا فيه أصل من السماع وليس فيه كيفية الأمر والنهي.

المرتبة الثالثة: أن يقول الراوي من الصحابة: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر السماع فلا خلاف بين العلماء أنه محمول على السماع قائم مقامه لأن الصحابة كان يأخذ بعضهم عن بعض ويتناوبون في النزول لتحصيل العلم ثم يبلغه إلى صاحبه على المداولة (٣). واختلف العلماء فيما بعد الصحابة فقال بعضهم: هذا يختص بعصرها لأنها بجملتها عصبة محمولة على العدالة بخلاف عصر التابعين وما بعده، فإن حال العدالة يختلف فيه وقال مالك، رضي الله عنه: إذا قال التابعي قال رسول الله،- صلى الله عليه وسلم -، فهو حجة فإن الحال وإن اختلفت بالتابعين في العدالة فإن القائل قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -،لا يطلقه عليه مع ما في الكذب من الوعيد إلا وهو قد تقلد صحته (٤).

المرتبة الرابعة: أن يقول الصحابي أُمِرنا بكذا ونُهِينا عن كذا وهذا فيه من الاحتمال أكثر (٥) مما في الأول.


(١) انظر الحديث السابق.
(٢) متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري. البخاري في الصوم. باب يوم النحر ٣/ ٥٦، ومسلم في الصوم باب النهى عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى ٢/ ٧٩٩، وفيه "لَا صوْمَ في يَوميْنِ الْفطْرِ وَالأَضحَى .. ".
(٣) هذه المرتبة عدّها ابن الأثير الثانية. فقد قال: المرتبة الثانية أن يقول الصحابي قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كذا، أو حدثنا، أو أخبرنا بكذا، وكذلك غير الصحابي عن شيخه فهذا ظاهره القتل وليس نصاً صريحاً، إذ قد يقول الواحد منا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتماداً على ما نقل إليه ولم يسمعه منه، فلا يستحيل أن يقول الصحابي ذلك اعتماداً على ما بلغه تواتراً، أو على لسان من يثق به. مقدمة جامع الأصول ١/ ٤٧. وانظر توضيح الأفكار ١/ ١٧٢ - ١٧٣.
(٤) لم أطلع على هذا العزو لمالك وقريب منه ما قال ابن عبد البر فقد قال: قالت طائفة من أصحابنا مراسيل الثقات أولى من المسندات، واعتلّوا بأن من أسند لك فقد أحالك على البحث عن أحوال من سماه لك، ومن أرسل من الأئمة حديثاً، مع علمه ودينه وثقته، فقد قطع لك على صحته وكفاك النظر. التمهيد ١/ ٣ وانظر شرح النخبة لعلي القاري ص ١١٢، جامع التحصيل ص ٢٩، إرشاد الفحول ص ٦١، توضيح الأفكار ١/ ٢٨٣، وتدريب الراوي حس ١٩٨.
(٥) قال ابن الأثير: المرتبة الرابعة أن يقول الراوي أُمرنا بكذا نُهِينا عن كذا أو وجب علينا كذا .. فهذا جميعه في حكم واحد ويتطرق إليه الاحتمالات الثلاثة التي تطرقت إلى المرتبة الثالثة واحتمال رابع وهو الأمر فإنه لا يدري إنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو غيره من العلماء. جامع الأصول ١/ ٤٩.

<<  <   >  >>