للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة في تعيين الفاتحة في الصلاة لأن النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، قال لأبيّ بن كعب: "كَيْفَ تَقْرَأُ إِذَا افْتَتَحْتَ الصَّلاَةَ؟ فَقَال: الحَمْدُ لله رَبِّ الْعالَمِينَ" فعيّنها قولاً وفعلاً وبياناً وتنبيهاً أيضاً، وفيه أيضاً إسقاط {بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرحِيمِ} وفيها زحام عظيم قد بينَّاه في مسائِل الخلاف (١) وقوله "مَا أَنْزَلَ في التَّوْرَاةِ وَلاَ في الإِنْجِيلِ وَلاَ في الْقرْآنِ مِثْلَهَا" وسكت عن سائر الكتب كالزبور والصحف لأن هذه أفضلها. وإذا كان الشيء أفضل الأفضل كان أفضل الكل كقولك: زيد أفضل العلماء فهو أفضل الناس وفضلها على غيرها يكون من سبعة أوجه:


= فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صلاَتِهِ لَحِقَهُ فَوَضَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، يَدهُ على يدِهِ وهو يُريُد أنْ يخرُج من باب المسجد فقال: إنِّي لأرْجُو أَنْ لاَ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَعْلَمَ سُورَةً مَا أَنْزَلَ الله في التَّوْرَاةِ وَلَا في الإِنْجِيلِ وَلَا في الْقُرْآنِ مِثْلَهَا". الموطّأ ١/ ٨٣ مرسلاً. قال الحافظ: من الرواة عن مالك من قال عن أبي سعيد عن أبيّ بن كعب أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ناداه. فتح الباري ٨/ ١٠٧، وأخرجه الحاكم مسنداً من طريق شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن أن أبا سعيد مولى عامر أخبره أنه سمع أبيّ بن كعب يقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ناداه. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ٢/ ٢٥٧، قال الحافظ: ووهم ابن الأثير حيث ظنّ أن أبا سعيد، شيخ العلاء، هو أبو سعيد بن المعلى فإن ابن المعلى صحابي أنصاري من أنفسهم مدني وذلك تابعي مكّي من موالي قريش، وقصد الحافظ هنا أن يبيِّن أن أبا سعيد الذي هنا هو مولى عامر بن كريز وليس الصحابي المشهور.
وأخرجه الترمذي من طريق الدراوردي ٥/ ١٥٥ وقال حسن صحيح، والنسائي ٢/ ١٣٩ من طريق روح بن القاسم وأحمد من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم ٥/ ١١٤، وابن خزيمة من طريق حفص بن ميسرة ١/ ٢٥٢ كلهم عن العلاء عن أبيه عن أبي هُرَيْرَة قال: خرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، على أبي بن كعب، ورواه ابن حبان من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هُرَيْرَة. موارد الظمآن ٤٢٤. وروى البخاري مثل هذه القصة عن أبي سعيد المعلّى الصحابي في كتاب التفسير باب ما جاء في فاتحة الكتاب ٦/ ٢٠، قال الحافظ في الفتح ٨/ ١٥٧ وجمع البيهقي بأن القصة وقعت لأبيّ ولأبي سعيد بن المعلى وتعين المصير إلى ذلك لاختلاف مخرج الحديثين ولاختلاف سياقهما. وانظر شرح الزرقاني للموطّأ ١/ ١٧٤.
درجة الحديث: صحيح.
(١) أقول: هذه مسألة خلافية، وقد تعرض لها الشارح في الأحكام فقال: اتفق الناس على أنها آية من كتاب الله تعالى في سورة النمل واختلفوا في كونها في أول كل سورة فقال مالك وأبو حنيفة: ليست في أوائل السور آية، وإنما هي استفتاح مع ليعلم بها مبتدؤها.
وقال الشافعي: هي آية من أول الفاتحة قولاً واحداً، وهل تكون في أول كل سورة؟ اختلف قوله في ذلك .. ثم قال: ويكفيك أنها ليست بقرآن للاختلاف فيها والقرآن لا يختلف فيه، فإنكار القرآن كفرٌ فإن قيل ولو لم يكن قرآناً لكان مدخلها في القرآن كافراً، قلنا: الاختلاف فيها يمنع من أن تكون آية ويمنع من تكفير من يعدها من القرآن، فإن الكفر لا يكون إلا بمخالفة النص والإِجماع في أبواب العقائد. الأحكام ١/ ٢ - ٣، ونقل القرطبي هذا الكلام وأقره تفسير القرطبي ١/ ٩٣.

<<  <   >  >>