للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصلي الإمام يوم الجمعة الركعتين في بيته (١).

فأما المأموم فليصليها في بيته، أو حيث شاء، فإن صلاّها في المسجد فلا يصليها، وهي الفضيلة في كل صلاة ألا توصل بنافلة بعدها حتى يقطع ما بينهما بعمل أو كلام. وقد روى الأشعثي (٢) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (سَلَّمَ مِنْ صَلاَةٍ فَقامَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَجَذَبَة عُمَرُ بْن الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عَنْه، وَقَالَ (٣) لَا تُوصِلْ صَلاَةً بِصَلاَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ، - صلى الله عليه وسلم -: أَصَابَ الله بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّاب) (٤)، وهذا مما وافق فيه عمر ربه فليلحق به. فهذه أصول النوافل، فمن المستكثر ومن المستقل، فلو ترك رجل النوافل كلها واقتصر على الفرائض ماذا يقال له؟ قلنا: يقال له: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ لأنه قال له: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ. لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ (٥). الحديث.

وهذا كلام صحيح لكن فيه نكتتان.

إِحداهما: أن الفريضة رأس مال والنافلة ربح، ولا يصون رأس المال عن العوارض إلا الربح.


(١) ونقل الحافظ عن ابن بطال قوله: والحكمة فيه أن الجمعة لمّا كانت بدل الظهر واقتصر فيها على ركعتين ترك التنفّل بعدها في المسجد خشية أن يظن أنها التي حذفت، وعلى هذا فينبغي أن يتنفّل قبلها ركعتين متصلتين بها في المسجد لهذا المعنى. فتح الباري ٢/ ٤٢٦.
(٢) هو سليمان بن الأشعث السجستاني، أبو داود، ثقة حافظ مصنف السنن وغيرها من كبار العلماء. مات سنة ٢٧٥ هـ. ت ١/ ٣٢١، ت ت ٤/ ١٦٩، تاريخ بغداد ٩/ ٥٥.
(٣) في (م) له.
(٤) أبو داود في سننه ٢/ ٢٦٤ من طريق شعبة عن المنهال بن خليفة عن الأزرق ابن قيس قال: صلى بنا إمام لنا يكنى أبا رثمة فقال: صليت هذه الصلاة، أو مثل هذه الصلاة، مع رسول الله - صلي الله عليه وسلم - .. والحاكم ١/ ٢٧٠ وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه لأحمد وأبي يعلى وقال رجال أحمد رجال الصحيح. مجمع الزوائد ٢/ ٢٣٤، وانظر الفتح الرباني ٤/ ٢٣٠ - ٢٣١ وقال البنّا رجال أحمد رجال الصحيح.
درجة الحديث: صحيح.
(٥) متفق عليه البخاري في كتاب الإيمان باب الزكاة من الإِسلام ١/ ١٨، ومسلم في الإيمان باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام ١/ ٤٠ - ٤١، كلاهما من حديث طلحة بن عبيد الله قال: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللِه - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صوْتهِ وَلَا نَفْقَهُ مَا يِقُولُ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا هوَ يَسْألُ عَنِ الْإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في الْيَوْمِ وَالْلَيْلَةِ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: لاَ إلَّا أَنْ تَطَّوَعَ ..) لفظ مسلم.

<<  <   >  >>