للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلاف ثم لقيت نصر (١) بن إبراهيم بدمشق فسألته فصوَّبها.

مزيد بيان: ورد في الصحيح زيادة في هذا الحديث أنه قال: "أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ" (٢)

فإن قيل كيف قال النبي - صلى الله عليه وسلم -،هذا وقد ثبت عنه أنه قال: "لَا تَحْلِفُوا بَآبَائِكُمْ وَلَا بِالأُمَّهَاتِ" (٣).

قلنا: قد مهّدنا الجواب في شرح الصحيح عند ذكر هذا الحديث. لبابه أنه ليس بينهما تعارض لأن القول والفعل مخصوص به، ألا ترى إلى قوله (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِالله أَوْ لِيَصْمُتْ) (٤)، ثم أقسم الله بالسماء والأرض (٥) والسحاب (٦) والرياح (٧) والسفن (٨) ولم يكن ذلك معارضة. وقيل إنما كان ذلك في صدر الإسلام أبّان كانت نفوسهم مملوءة من تعظيم غير الله تعالى فنهوا أن يعظموا غيره، فلما امتلأت صدورهم من تعظيم الله عز وجل، وتيقّنوا أنه لا عظيم سواه، رخص لهم في استرسال الألسنة على الأقسام بما شاؤوا من الكلام ما لم يكن ذلك من قبيل الأصنام.


(١) نصر بن إِبراهم تقدم.
(٢) مسلم في كتاب الإيمان باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام ١/ ٤١، وأبو داود ٣/ ٥٧١ بنفس اللفظ.
(٣) أبو داود ٣/ ٥٦٩، والنسائي ٧/ ٥، وابن حبان. انظر موارد الظمآن ص ٢٨٦ والبيهقي في السنن ١٠/ ٢٩، وقالما زاد تمام: ولاَ بالأَنْدادِ ولَا تَحْلِفُوا إلَّا باللهِ ولَا تَحْلفُوا إلَّا وأَنتُمْ صَادقُون، كلهم من رواية أبي هُرَيْرَة.
درجة الحديث: صحيح.
(٤) متفق عليه. البخاري في كتاب الأَيمان والنذور باب لا تحلفوا بآبائكم ٨/ ١٦٤، ومسلم في كتاب الأيمان باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى ٣/ ١٢٦٦ - ١٢٦٧، وأبو داود ٣/ ٥٦٩، من حديث عبد الله بن عمر أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهوَ يَسيرُ فِي رَكبٍ يَحْلفُ بِأبيهِ فَقَالَ إِنَّ الله يَنهَاكُمْ أَنْ تخلِفُوا بِآبَائِكمْ ..
(٥) وفي سورة الشمس في قوله تعالي {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (٥) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (٦)} آية ٥ - ٦.
(٦) سورة البقرة آية ١٦٤ {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}.
(٧) وذلك في سورة المرسلات آية ١، ٢، {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢)}.
(٨) سورة الذاريات آية ٣ {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣)}.

<<  <   >  >>