للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حديث عائشة، رضي الله عنها: (أعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِك) (١)، الرضا: هو تعلُّق الإِرادة بالثواب، والسخط هو تعلُّق الإرادة بالعقاب، والمعافاة تعلُّق الإِرادة بالسلامة، والعقوبة تعلُّق الإرادهّ بالعذاب والمحن (٢).


(١) الموطأ ١/ ٢١٤. مَالِك عَنْ يَحْيىَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ بنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ أَنَّ عَائِشَةَ أُم الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: كُنْتُ نَائِمَةً إلَى جَنْبِ رَسُولِ اللِه، - صلى الله عليه وسلم - ..
قال ابن عبد البر: لم يختلف عن مالك في إرساله، وهو يسند من حديث الأعرج عن أبي هُريْرَة عن عائشة من طرق صحاح ثابتة. التقصّي ص ٢٢٤.
الحديث أخرجه مسلم في كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود ١/ ٣٥٢ من طريق الأعرج عن أبي هُرَيْرَة عن عائشة. وأبو داود ١/ ٥٤٦ مثل رواية مسلم، والترمذي من طريق مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي أن عائشة .. سنن الترمذي ٥/ ٥٢٤ وقال: حديث حسن قد روي من غير وجه عن عائشة، والنسائي ٢/ ٢١٠ مثل رواية مسلم أيضاً.
(٢) قال الخطابي: في هذا معنى لطيف؛ وذلك أنه استعاذ بالله تعالى، وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته والرضا والسخط خبران متقابلان، وكذلك المعافاة والعقولة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له، وهو الله سبحانه وتعالى، استعاذ به منه لا غير، ومعناه الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب من حق عبادته والثناء عليه، وقوله: (لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ) أي لا أطيقه ولا آتي عليه، وقيل لا أحيط به. نقلاً عن شرح النووي على مسلم ٤/ ٢٠٤.
قلت: لقد ذهب الشارح هنا إلى التأويل، وهذه عادته رحمه الله وغفر لنا وله، والحق أنه يجب الإيمان بكل ما أخبر به الله عن نفسه، أو أخبر به عنه رسوله من غير تحريف ولا تبديل، ولا تكييف ولا تمثيل، لأنه لا يصف الله أعلم من الله قال تعالى: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} وهذا هو مذهب السلف.
قال شارح الطحاوية: ومذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب والرضا والعداوة والولاية والحب والبغض، ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة، ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى، كما يقولون مثل ذلك في السمع والبصر والكلام، وسائر الصفات، قال: ولا يقال إن الرضا إرادة الإحسان, والغضب إرادة الانتقام فإن هذا نفي للصفة. العقيدة الطحاوية نقلاً عن الكواشف الجلية عن معاني الواسطية ص ١٣١.
وقال الآجري: أهل الحق يصفون الله، عز وجل، بما وصف به نفسه، عز وجل، وبما وصفه به رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وعن صحابته، رضي الله عنهم، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع ولا يقال فيه كيف؟ بل التسليم له والإيمان إن الله، عز وجل، يضحك كذا روي عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وعن صحابته، رضي الله عنهم، فلا ينكر هذا إلا من لا يحمد حاله عند أهل الحق.
الشريعة للآجري ص ٢٧٧، وانظر الفتاصى ٦/ ١١٩، وأقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي المقديي ص ٩٠ تحقيق جميل عبيد عبد المحسن القراري، رسالة ماجستير بجامعة أم القرى قسم العقيدة.

<<  <   >  >>