للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدعاء وهذا من العلم الذي نبَّه عليه مالك، رضي الله عنه، في معرض أسباب الآيات، وليس كما قال عروة، وإنما نزلت هذه الآية لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كان يصلي بمكة ويجهر فإذا سمع المشركون قراءته سبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فنزلت الآية المذكورة ثم نسخ الله تعالى ذلك بظهور الإسلام (١).

حديث: أدخل مالك، رضي الله عنه، بلاغاً حديثاً هو صحيح ثابت السند، ثابت السبيل إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال عليه السلام (مَن سَنَّ سنَّةً حَسَنَةً في اْلِإسْلَامِ كَانَ لَه أَجْرهَا وَأجْرُ مَنْ عَمَلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً، وَمَنْ سَنَّ سنَّةً سَيِّئَةً في الإسْلاَمِ كَانَ لَه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَملَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أوْزَارِهِمْ (٢) شَيْئاً).

فإن قيل: هذا الحديث مخالف لظاهر القرآن قال الله تعالى: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨)} (٣).

قلنا: بل هو موافق له قال الله تعالى {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} (٤).


= يعقوب بن عبد الرحيم عن هشام بن عروة. فتح الباري ٨/ ٤٠٥، ووصله البخاري في الدعوات باب الدعاء في الصلاة من طريق مالك عن سُعير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} أنزلت في الدعاء. البخاري ٨/ ٨٩.
ومسلم في الصلاة باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية بين الجهر والإسرار ١/ ٣٢٩، وأورده السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠٧ وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وأبي داود في الناسخ والمنسوخ والبزار والنحاس وابن نصر وابن مردويه والبيهقي في السنن.
قال الحافظ: أنزل ذلك في الدعاء، هكذا أطلقت عائشة وهو أعم من أن يكون ذلك داخل الصلاة أو خارجها. فتح الباري ٨/ ٤٠٥.
(١) قال الحافظ الآية منسوخة بقوله {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} فتح الباري ٨/ ٤٠٦ قلت: وهذا يؤيد ما ذهب إليه الشارح من أنها في الصلاة لا في الدعاء، كما قال عروة.
(٢) مالك أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: مَا مِنْ دَاع يَدْعُو إلَى هُدَىً إلَّا كَانَ لَهُ مَثْل أَجْرِ مَنْ اتبَعَه لاَ يَنْقُصُ ذلِك مِنْ أجُورِهِمْ شَيْئاً .. الموطّأ ١/ ٢١٨، ورواه مسلم في كتاب الزكاة باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة ٢/ ٧٠٤، ٧٠٥، والنسائي ٥/ ٧٥ - ٧٧ عندهما من حديث المنذر بن جرير يحدث عن أبيه، وأورده النووي في رياض الصالحين وعزاه لمسلم رياض الصالحين ص ٩٤ - ٩٥.
(٣) سورة الأنعام آية ١٦٤.
(٤) سورة العنكبوت آية ١٣.

<<  <   >  >>