للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربيعة (١) وصاحبه (٢) حين جاءاه يسألانه ولاية الصدقة فقالا: (نُصِيبُ، يَا رَسُولَ الله. مَا يُصِيبُ النَاسُ وِنُؤَدي مَا يُؤَدُّونَ، قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الصدَقَةَ لَا تحل لِآلِ مُحَمَّدٍ إنَّما هِيَ أوْسَاخُ النَاسِ") (٣)، خرّجه مسلم. فإن قيل هذه أحاديث متعارضة رويتم في حديث آخر إنها أوساخ الناس وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم -، القيء لها مثلاً فقال "الْعَائِدُ في صَدَقَتِهِ كَالْكَلْب يِعُودُ في قَيْئهِ" (٤) ثم رويتم من طريق آخر "إِنَّ الصَدَقَةَ لَتَقَعُ في كَفِّ الرحْمنِ قَبْلَ انْ تَقَعَ في كَف السَّائِلِ" (٥)، وكف الرحمن مقدس عن القيء والوسخ. قلنا: هذا مهم (٦) من التعارض، وهو ميدان فات علماءنا الاستباق به، والجواب عنه بديع وذلك أن الباري تعالى بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أفصح الخلق بأفصح الكلام فضرب الأمثال وصرف الأقوال وسلك في كل شعب من المعاني قدرة على القول، واستلطافاً للقلوب في جانبي الرغبة والرهبة اللتين انتظم بهما التكليف وارتبط بهما الثواب والعقاب، وبيَّن الأحكام الشرعية التي بُعث لإيضاحها فإن المعاني العقلية معلومة لا تفتقر إلى بيانه، ولا تعرَّض هو


= ٢/ ٣٠٤ وقال في ت ت ضعّفه يحيى القطان وابن معين، وقال أحمد مضطرب الحديث، وضعّفه أيضاً أبو داود والنسائي والعقيلي. ت ت ١٠/ ٤٥٢.
درجة الحديث: نقل الحافظ عن ابن السكن قوله عن عبد الله بن ثعلبة يقال له صحبة وحديثه في صدقة الفطر مختلف فيه، وصوابه مرسل، وليس يذكر في شيء من الروايات الصحيحة سماع عبد الله من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا حضوره إياه، وكذا قال البخاري ت ت ٥/ ١٦٦ هذا علاوة على أنه من رواية النعمان بن راشد المتقدم، فالحديث ضعيف.
(١) هو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي صحابي سكن الشام ومات سنة ٦٢ هـ ت ١/ ٥١٧، الإصابة ٢/ ٤٣٠.
(٢) هو الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشي. استشهد في خلافة عمر .. ت ٢/ ١١٠ والإصابة ٣/ ٢٠٨.
(٣) حديث مسلم في كتاب الزكاة باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة ٢/ ٧٥٢ وأبو داود ٣/ ١٤٧ - ١٤٨ والنسائي ٥/ ١٠٥ - ١٠٦ كلهم عن عبد المطلب ابن ربيعة ابن الحارث حدثه (قَالَ: اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ ابنُ الحَارِثِ وَالعَباس بْن عَبْدِ الْمُطلِبِ فَقَالَا ..).
(٤) متفق عليه. البخاري في كتاب الزكاة باب هل يشتري صدقته ٢/ ١٥٧ من طريق زيد ابن أسلم عن أبيه قال: سَمِعْتُ عُمَرَ، رضِيَ الله عَنْهُ، يَقول .. ومسلم في كتاب الهبات باب كراهية شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه: ٣/ ١٢٣٩ والموطّأ ١/ ٢٨٢، والبغوي في شرح السنة ٩/ ٥٠٦ كلهم من حديث عمر، رضي الله عنه، يقول: حَمَلْتُ عَلَى فرسٍ في سَبِيلِ الله فَأَضَاعَهُ الذِي كانْ عِنْدهُ فَأَردَتُ أَنْ أَشْتَريَه وَظَننت أَنهُ يَبِيعَهُ بِرخْصٍ ...
(٥) يأتي ص ٤٥٣.
(٦) كذا في جميع النسخ ولعله هذا باب مهم.

<<  <   >  >>