للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خاصة (١). وقال - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي:"وَحَجُ الْبَيْتِ، قَالَ: هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا" (٢). ولأن البيت سبب من أسباب العبادة فلا يتعلق به وجوب شيئين كالزوال والغروب، فأما قوله تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فليس يقتضي لزوم الفعل ابتداء وإنما فيه تمامه بعد فعله.

وأما حديث جبريل فقد رواه العالم (٣) وليس فيه وتعتمر فلا تقبل هذه الزيادة لأن الحديث مطلقاً أشهر منها، وشروط وجوبه أربعة: الحرية والعقل والبلوغ والاستطاعة وليس الإِسلام من شروط الوجوب وإنما هو من شروط الأداء لأن قول مالك، رضي الله عنه، لم يختلف قط أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع. فأما الحرية فلا خلاف فيها لأن العبد مملوك لسيده مستغرق المنافع فهو يدخل في خطاب الشرائع كلها ما لم يكن في ذلك تعطيل للسيد ولا قطع به عن الانتفاع والسفر يمنعه منه ويسقط منفعته فيه فلا يجوز له السفر إلا بإذنه فسقطت الاستطاعة فسقط الخطاب وقد بيَّنا ذلك في أصول الفقه (٤).

وأما البلوغ فأجمعت الأمة عليه. أما إن الصبي إذا حَجَّ أو حُجَّ به كتب الله تعالى له الأجر من فضله، ولوليه الأجر زيادة من رحمته، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنَ امْرَأةً رَفعَتْ إلَيْهِ مَوْلُوداً في مِحَفَّةٍ (٥) لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله ألِهذَا حِجُّ؟ قَالَ: نعَمْ وَلَكِ أجْرٌ (٦) "، أما العقل فمثل البلوغ.


(١) متفق عليه. البخاري في كتاب الإيمان باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بُنِيَ الإْسْلاَم عَلَى خَمسٍ" ١/ ٩، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان أركان الإِسلام ١/ ٤٥، كلاهما من حديث عمر.
(٢) مسلم في الإيمان باب السؤال عن أركان الإِسلام ١/ ٤١ - ٤٢.
وأبو داود ١/ ١٣١، والترمذي ٣/ ١٤ - ١٥، والنسائي ٤/ ١٢١ - ١٢٢ كلهم عن أنس.
(٣) لا أدري ماذا يقصد بالعالم هنا ولعله يقصد عمر لأن هذه الزيادة ليست من حديثه.
(٤) انظر المحصول: ل ٤ ب و ٥أوشرح التنقيح ص ١٦٢.
(٥) المحفة، بالكسر، شبه الهودج إلا أنه لا قبَّة عليها. شرح الزرقاني ٢/ ٣٩٤.
(٦) الموطّأ ١/ ٤٢٢ مرسلاً عن أكثر رواة الموطأ، ووصله الشافعي وابن وهب ومحمد ابن خالد وأبو مصعب وعبد الله بن يوسف فزادوا فيه: عن ابن عباس ان النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بامرأة .. الزرقاني ٢/ ٣٩٢، ورواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس .. مسلم في كتاب الحج باب صحة حج الصبي وأجر من حج به ٢/ ٩٧٤، وأبو داود ٢/ ٣٥٢، والنسائي ٥/ ١٢٠، والطحاوي ٢/ ٢٥٦، والبغوي في شرح السنة ٧/ ٢٣، وأحمد انظر الفتح الرباني ١١/ ٢٩، كلهم مثل رواية مسلم. ونقل الزرقاني عن ابن عبد البر قوله: من وصل هذا الحديث وأسنده فقوله أولى وأصح، =

<<  <   >  >>