للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الاستطاعة فهي عندنا على حال المستطيع من صحة بدنه وكثرة جلده، وقال أكثر علماء الأمصار: الاستطاعة الزاد والراحلة، ورووا في ذلك أثراً ضعيفاً لا يلتفت إليه (١). والصحيح في الاستطاعة، لغة وعقلاً، أنها صفة المستطيع كيف ما تصرفت وجوهها، وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف ولذلك قلنا إن من بلغ معضوباً لا حج عليه (٢).

وبه قال أكثر العلماء. وقال (ش): يلزمه إن يحج عنه غيره من ماله إن لم يقدر هو أن يحج بنفسه (٣) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -، في الحديث الصحيح وقد قيل له يا رسول الله "إِنَّ فَرِيضَةَ الله عَلَى عِبادهِ في الْحِجَّ أدرَكَتْ أبِي شَيْخاً كَبِيراً لَا يَسْتَطِيعُ أنْ يَثْبَتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ أفَأحِجُّ عَنْه؟ قَالَ: أرَايْت لَوْ كَانَ عَلَى أبِيك دَيْن أكُنْتِ قَاضِيَتُهُ: قَالَتْ: نَعَمُ؛ قَالَ: فَدَيْنُ الله أحَق أنْ يُقْضَى (٤) ".


= والحديث صحيح مسند ثابت الاتصال لا يضره تقصير من قصّر به لأن الذين أسندوه حفّاظ أثبات. شرح الزرقاني ٢/ ٣٩٤ - ٣٩٥.
(١) رواه الترمذي من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي عن محمَّد بن عباد بن جعفر عن ابن عمر. سنن الترمذي ٣/ ١٧٧ وقال حديث حسن عن ابن عمر، والبيهقي في السنن ٤/ ٣٢٧. وإبراهيم هذا قال فيه الحافظ: متروك الحديث من السابعة، مات سنة ١٥١هـ ت ١/ ٢٤، وانظر ت ت ١/ ١٧٩ - ١٨٠، والكاشف ١/ ٥١، والميزان ١/ ٧٥، ورواه الحاكم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. المستدرك ١/ ٤٤٢، والدارقطني في السنن ٢/ ٢١٦، وقال البيهقي: الصواب عن قتادة عن الحسن مرسلاً، السنن الكبرى ٤/ ٣٢٧، وقد قال الحافظ عن إسناد رواية الدارقطني وسنده صحيح إلى الحسن ولا أرى الموصول إلا وهماً. تلخيص الحبير ٢/ ٢٢١. ورواه الحاكم من حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أيضاً. المستدرك ١/ ٤٤٢، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ إلا أن الراوي عن حماد بن سلمة هو أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني قال فيه الحافظ: عبد الله بن واقد، أبو قتادة الحراني، أصله من خراسان متروك وكان أحمد يثني عليه وقال: لعله كبر واختلط وكان يدلس من التاسعة، مات سنة ٢٢٠ هـ، ت ١/ ١٩٣ وانظر ت ت ٦/ ٦٦.
أقول: ساق له الحافظ في التلخيص طرقاً أخرى وقال: طرقها كلها ضعيفة، وقال عبد الحق إن طرقه كلها ضعيفة، وقال أبو بكر بن المنذر لا يثبت الحديث في ذلك مسنداً والصحيح من الرويات رواية الحسن المرسلة. تلخيص الحبير ١/ ٢٢١.
درجة الحديث: كل طرقه ضعيفة إلا الطريق المرسلة عن الحسن صحيحة.
(٢) انظر مذهب المالكية في شرح الزرقاني ٢/ ٢٩١ - ٢٩٢.
(٣) انظر المجموع ٧/ ١٠٠ - ١٠١، وشرح السنة: ٧/ ٢٦.
(٤) متفق عليه. البخاري في الحج باب وجوب الحج وفضله ٢/ ١٦٣، ومسلم في الحج باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما أو للموت ٢/ ٩٧٣، والموطأ ١/ ٣٥٩، وشرح السنة ٧/ ٢٥، كلهم عن ابن عباس أنه قال: كَانَا الْفَضْل بْن عَباسٍ رَيفَ النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءتهُ امْرَاةٌ مِنْ خَثْعَم فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُر إلَيْهَا =

<<  <   >  >>