(١) هذا هو مذهب مالك. قال القرطبي: رأى مالك أن ظاهر حديث الخثعمية مخالف لظاهر القرآن فرجّح ظاهره، ولا شك في ترجيحه من جهة تواتره، ومن جهة أن القول المذكور قول امرأة ظنت ظناً. قال: ولا يقال قد أجابها النبي - صلى الله عليه وسلم -، على سؤالها ولو كان ظنها غلطاً لبيَّنه لها لأنا نقول إنما أجابها عن قولها (أفحج عنه) قال "حجي عنه" لما رأى من حرصها على إيصال الخير لأبيها. قال الحافظ: وتعقب بأن تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم -، لها على ذلك حجة ظاهرة. فتح الباري ٤/ ٧٠. وقال أبو عمر: حديث الخثعمية خاص بها لا يجوز أن يتعدى إلى غيرها لقوله تعالى {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، وكان أبوها ممن لا يستطيع فلم يكن عليه الحج فكانت ابنته مخصوصة الجواب، وممن قال بذلك مالك وأصحابه. شرح الزرقاني ٢/ ٢٩٢. (٢) أقول: جاء هذا الحديث بألفاظ مختلفة؛ ففي بعضها أن السائل رجل وأنه سأل عن أبيه. وفي بعضها إنه قال إن أمي عجوز كبيرة، وفي رواية إن أبي أو أمي، وفي أخرى أن امرأة سألت عن أمها. قال الحافظ: اتفقت الروايات كلها عن ابن شهاب عن أن السائله امرأة وأنها سألت عن أبيها، وخالفه يحيى بن أبي إسحاق عن سليمان فاتفقت الرواة عنه على أن السائل رجل، ثم رجح الحافظ رواية ابن شهاب لقوة سندها ثم قال: والذي يظهر لي من مجموع هذه الطرق أن السائل رجل وكانت ابنته معه فسألت أيضاً والمسؤول عنه أبو الرجل وأمه جميعاً. فقول الشابة إن أبي لعلها أرادت به جدها لأن أباها كان معها، وكأنه أمرها أن تسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ليسمع كلامها ويراها رجاء أن يتزوجها فلما لم يرضها سأل أبوها عن أبيه ولا مانع أن يسأل أيضاً عن أمه، وتحصَّل من هذه الرويات أن اسم الرجل حصين بن عوف الخثعمي. فتح الباري ٤/ ٦٨.