للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَاشِياً" (١) فمن نذر أن يحج ماشياً فليهدِ هدياً وليركب. ومخرج هذا الحديث عزيز الوجود ما رويناه إلا من طريق واحدة ولا يصح والله أعلم، وكيف يصح وقد قال الله عز وجل: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} (٢)، ولو كان مثلة ما ذكره في معرض العبادة. ولعل معناه إذا نذر وهو عاجز كما روى مسلم عن عقبة بن عامر وقال: (إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللهِ حَافِيَةً فَقَالَ النَّبِيُّ، - صلى الله عليه وسلم -: لِتَمْشِ وَتَرْكَبْ) (٣)، وفي الترمذي والنسائي وأبي داود: "تَخْتَمِرْ وَتَرْكَب وَتصمْ ثلَاثَةَ أَيَّامٍ" (٤). انفرد أبو داود بقوله: تَرْكَبُ وَتَهْدِي بُدْنَةً (٥)، وإذا كان عاجزاً فالنذر معصية وعليه بوّب (٦) مالك، رضي الله عنه، وأدخل حديث أبي إسرائيل (٧) نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ


(١) أبو داود ٣/ ١٢٠ ولفظه: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ وَينْهَانَا عَنِ الْمثلَة. والدارمي ١/ ٣٩٠، وأحمد وزاد. وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يحج ماشيا فليهد هدياً وليركب ٤/ ٤٢٩، والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وكذا قال الذهبي، المستدرك ٤/ ٣٠٥ كلهم من حديث عمران بن حصين، وفي رواية أبي داود هياج بن عمران بن فَصيل، بفتح الفاء وكسر المهملة، التميمي البصري مقبول من الثالة/ د، ت ٢/ ٣٢٥، وقال في ت ت: قال علي بن المديني: مجهول، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات ١١/ ٨٩، وقد قال الذهبي: قال علي ابن المديني: مجهول وصدق. ميزان الاعتدال ٤/ ٣١٨.
أقول: الحديث وإن كان ضعيفاً عند أبي داود بسبب هياج فقد تابعه في عمران بن حصين، الحسن بن أبي الحسن ولعل الشارح نظر إلى رواية أبي داود.
درجة الحديث: قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح، مجمع الزوائد ٤/ ١٨٩، وصححه أيضاً السيوطي في الجامع الصغير مع فيض القدير ٦/ ٣٢١، والحاكم والذهبي.
(٢) سورة الحج آية ٢٧.
(٣) متفق عليه. البخاري في الحج باب من نذر المشي إلى الكعبة ٣/ ١٨، ومسلم في كتاب النذر باب من
نذر أن يمشي إلى الكعبة ٣/ ١٢٦٤.
(٤) أبو داود ٣/ ٥٩٦ - ٥٩٧، والترمذي ٤/ ١١٦، والنسائي ٧/ ١٩.
(٥) الذي في سنن أبي داود ٣/ ٥٩٨ من حديث ابن عباس (وَلْتَهْدِ هَدْياً) قال الحافظ: ووهم من نسب إليه (أي أبي داود) أنه أخرج هذا الحديث بلفظ (وَلْتَهدِ بُدْنَةً) فتح الباري ١١/ ٥٨٩.
(٦) ٢/ ٤٧٥ فقال: ما لا يجوز من النذر في معصية الله.
(٧) أبو إسرائيل الأنصاري، أو الجشمي، المدني، روى عنه طاوس وله صحبة. تجريد أسماء الصحابة ٢/ ١٥٨، والإصابة ٧/ ١٢، الفتح ١١/ ٥٩١.

<<  <   >  >>