للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القبس فاستضء بقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أو قدِّم أو أخِّر فإن الذي قدَّم وأخَّر قد علم حالة الواو في الرتبة وغيرها وهو القدوة والأسوة ..

ما تكون به اليمين: اليمين تنعقد بالله تعالى وصفاته العليا وأسمائه الحسنى كيفما ترددت العبارة عنها. قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِالله أوْ لِيَصْمُت" (١) تأديباً لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حين سمعه يحلف بأبيه وقد حلف النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بها فقال: "أفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ" (٢) وقد استوفينا القول فيه في الكتاب الكبير (٣)، وقد قدمنا الإشارة إليه. فإن قال في يمينه هو يهودي، إِن فعل كذا وكذا فاختلف العلماء فيه، فقال (ح): هي يمين (٤) تلزم فيها الكفارة، وهي مسألة عسرة جداً لأنهم عوَّلوا على أن قول الرجل: والله لا دخلت الدار، كأنه مخيَّر بامتناعه عن دخولها، ويؤكد خبره بتعظيم الله تعالى، فإذا خالف فكأنه ترك ذلك التعظيم: فإذا قال: تركت حرمة الله إن دخلت الدار كان مثل ذلك. قلنا: تحيَّلتم تحيّلاً فاسداً في وجه تعلق الكفارة في اليمين بالله .. وإنما هي شرع محض أو معنى غير ما ذكرتم تحقيقه في مسائل الخلاف.

تتميم: لما كانت اليمين بالله تعالى مشروعة في كتابه مبيناً حكمها، جارياً على لسان رسوله، - صلى الله عليه وسلم - لفظها استقرت ديناً وثبت حكمها يقيناً فلم يتطرق إليها اختلاف لكن ارتبط بها متعلقان عظيمان:

أحدهما:

ما حققناه من معناها وهو عقد القلب على فعل أو ترك مؤكد بمعظّم ديناً أو بمعظم


= الحنث، وعلى أنه لا يجوز تقديمها على اليمين. واختلفوا في جوازها بعد اليمين وقبل الحنث فجوَّزها
مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأربعة عشر صحابياً وجماعات من التابعين، وهو قول جماهير العلماء، لكن قالوا: يستحب كونها بعد الحنث، واستثنى الشافعي التكفير بالصوم فقال: لا يجوز قبل الحنث لأنه عبادة بدنية .. وأما التكفير بالمال فيجوز كما يجوز تعجيل الزكاة، شرح النووي على مسلم ١١/ ١٠٩.
(١) متفق عليه. البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب لا تحلفوا بآبائكم ٨/ ١٦٤، ومسلم في كتاب الأيمان باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى ٣/ ١٢٦٧، والموطأ ٢/ ٤٨٠ كلهم من حديث ابن عمر وأول الحديث: "أَلَا إنَّ الله، عَزَّ وَجَلَّ، يَنْهَاكُمُ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) لم أطلع على هذا الكتاب وقد ذكره في المسالك أيضاً.
(٤) انظر شرح فتح القدير لابن الهمام ٤/ ١٥.

<<  <   >  >>