يغادره إلاّ عند ما انتدبته جبهة التحرير الوطني الجزائري للالتحاق بمدينة القاهرة في شهر مارس ١٩٥٦.
وكان وثيق الصلة بالكاتب الكبير شكيب أرسلان، وكانت المراسلات الأدبية والسياسية والاجتماعية تترى بينهما منذ سنة ١٩٢٣ أيام كان على رأس الإدارة الدستورية بتونس، وكان يمد الأمير شكيب أرسلان طوال سنوات عدة بالمعلومات الغزيرة عن المغرب العربي، وقد اعتبره الأمير أخا صادقا وكتب عنه مرات في تعليقاته على كتاب «حاضر العالم الإسلامي».
ولما حلّت سنة ١٩٣٥ وجد نفسه في خلاف شديد مع الأمير شكيب أرسلان حول مبدأ الاستقلال لكل الشعوب، ومقارعة الاستعمار مهما كان المستعمر وأين كان، ذلك أن الأمير شكيب أرسلان يميل إلى موسوليني وإلى النظام الفاشيستي، ولم يبد معارضة لغزو إيطالية للحبشة بينما كان المترجم عدوا لهذا النظام ومطامعه واعتدائه على حرية الشعوب.
كان مخالفا لسياسة الأمير شكيب أرسلان، وقد أراد مقاومتها على صفحات القسم الذي كان يحرره بمجلة «الشهاب» الشهر السياسي في عالمي الشرق والغرب إلاّ أن الشيخ عبد الحميد بن باديس قد أثناه مكرها عن ذلك مذكرا بأن صداقة الأمير الجليل تعتبر كسبا ثمينا لا يمكن الزهد فيه وأن دفاعنا عن الحبشة أو تأييدنا لموسوليني ضدها لا يقدم في الميدان ولا يؤخر. قد عجزت وسقطت ولم تستطع أن تعمل شيئا.
وكان على صلة بالمراسلة مع إحسان الجابري، والشيخ أمين الحسيني، وبقي خلافه مع الأمير شكيب أرسلان خافتا إنما كان المترجم يكتب بطريقة، وكان الأمير يكتب بطريقة أخرى، ووهنت بينهما صلات المودة حينا من الدهر، وقلّت المراسلة إلى أن انتهت الحرب بين