للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في كتابه «صلة الصلة» ثم واصله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (١)، (٦٣٤ - ٧٠٣/ ١٢٣٧ - ١٣٠٣) في كتابه «الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة» وهو أسدها منهجا وأغزرها مادة، وختمه ابن الخطيب بكتابه «عائد الصلة» (٢).

وهذه الكتب كلها ما عدا الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي تتبع منهجا واحدا في الترجمة فتذكر الرجل باسمه الكامل وكنيته ونسبته وبلده الذي ولد فيه أو الذي منه أصله والبلد الذي سكنه إن كان قد نزل بلدا آخر ثم شيوخه وما قرأ عليهم، ثم تلامذته ومن أخذ عنه وتختم الترجمة بتاريخ الوفاة ومكانها وتاريخ الميلاد ومكانه إذا تيسّر.

وهذه في الحقيقة ليست تراجم بالمعنى المعروف وإنما هي سجلات بالأسماء وتواريخ الميلاد والوفيات والشيوخ فلا تعطي فكرة واضحة عن المترجم له إلا فيما ندر فليس فيها إلا القليل جدا من إشارات إلى حياة الرجل وما وقع له أو صفاته وخصائصه كرجل له صفات وخصائص بل ليس فيها إلا في القليل أيضا تلك الطرائف والحكايات الصغيرة التي نجد نماذج منها في «تاريخ القضاة» للخشني أو في «رياض النفوس» أو «الإحاطة» لابن الخطيب أو سلسلة الوفيات المشرقية التي بدأت بابن خلكان، ومن ثم فإن قيمتها للتاريخ السياسي والاجتماعي للأندلس بل فائدتها في التعريف بالرجال أنفسهم قليلة، ولكنها على أي حال أكثر فائدة من المواد التي يتضمنها الكثير من كتب علي بن سعيد وكتاب «الخريدة» للعماد الأصفهاني أو «الكتيبة الكامنة» لابن الخطيب، فهذه مجموعة مختارات وليست بتراجم أو مواد ذات قيمة تاريخية وفي هذه الحدود تتساوى كتب ابن الفرضي وابن بشكوال وابن الأبّار وابن الزبير في الدقة والاتقان وربما شف ابن بكشوال على صاحبيه في تراجمه بسبب ملكته التاريخية الواضحة، وابن الأبّار على هذا الاعتبار واحد من أعلام مؤرخي العلم بالأندلس ومرجع من المراجع التي لا يستغني عنها مؤرخ خلال القرنين السادس والسابع الهجريين بصفة خاصة (٣).

١٣ - كتاب الحلة السيراء ابتدأ ابن الأبّار تأليف هذا الكتاب في تونس عقب استقراره بها فهو في فاتحته يتحدث عن شعر السلطان أبي زكريا يحيى وولي عهده أبي يحيى، وكانا يقرضان الأبيات منه بين الحين والحين وقد صنفه ابن الأبّار تمجيدا لشاعرية السلطان وابنه وتدليلا على أن قول الشعر من خصال كبار الخلفاء والسلاطين والأمراء، فهذا الكتاب مثل كتاب «إعتاب الكتّاب» كتاب مناسبة ولكنها كانت مناسبة سعيدة لأنها أتاحت الفرصة لهذا الحافظ الواعي أن يسجل شيئا من محفوظه الغزير.


(١) ابن عبد الملك المراكشي وإن تقدمت وفاته على شيخه أبي جعفر بن الزبير لكنه استدرك على كتاب شيخه (صلة الصلة) ونقده في مواضع من كتابه «الذيل والتكملة» وبهذا الاعتبار ساغ ذكره بعد شيخه.
(٢) مقدمة الحلة السيراء ص ٥٠.
(٣) مقدمة الحلة السيراء ص ٥٠ - ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>