٧٦٤/ ١٣٦٢)، وفي غرناطة استقبله سلطانها محمد بن الأحمر ووزيره لسان الدين بن الخطيب استقبالا حسنا، وعرف ابن خلدون ابن الخطيب بفاس وانعقدت بينهما صداقة، عند ما كان ابن الخطيب لاجئا سياسيا بفاس مع سلطانه محمد بن الأحمر قبل أن يعود كل منهما إلى منصبه في فترة من فترات دسائس القصر بغرناطة ودسائس القصر بفاس للتدخل في شؤون السياسة والحكم بغرناطة، وفي نهاية سنة ٧٦٥/ ١٣٦٤ أرسله سلطان غرناطة إلى اشبيلية لعقد الصلح مع ملك قشتالة بيدرو الفاسي الذي اتخذ اشبيلية عاصمة له، واستقبل ابن خلدون استقبالا حسنا، ووعده باعادة أملاك أجداده إليه إذا هو رضي بالبقاء في خدمته فرفض هذا العرض، وعاد إلى غرناطة ومعه هدايا ثمينة حملها إلى السلطان الذي أقطعه قرية بمرج غرناطة، ورأى أن يستقدم زوجته وأولاده من قسنطينة، وتوافرت له بعد وصولهم أسباب الراحة والطمأنينة، وشعر بانقباض صديقه القديم لسان الدين بن الخطيب وتنكره له لأنه ألقى عليه بعض الظل من نجاح صديقه الشاب، فأخذ يفكر في مغادرة الأندلس قبل أن تفسد السعايات ما بينه وبين لسان الدين بن الخطيب من أواصر المودة، وبينما هو يفكر في ذلك جاءه كتاب من صديقه أمير بجاية أبي عبد الله محمد الحفصي يدعوه إلى الالتحاق به لتولي منصب الحجابة، وهو ما يرضي طموحه، واستأذن سلطان غرناطة في الارتحال دون اطلاعه على شيء من انقباض لسان الدين بن الخطيب فأذن له بعد مرور نحو ثلاث سنوات على مجيئه إلى الأندلس، وعند وصوله إلى بجاية احتفل أميرها بقدومه وقلده منصب حاجب، والحجابة كانت أهم منصب في الدولة، واسندت الوزارة إلى أخيه الأصغر منه يحيى، وقدمه الأمير للخطابة بجامع القصبة، وداوم به على التدريس بعد فراغه من مهام العمل الرسمي، وإذا كان في بجاية وجد ما يرضي طموحه السياسي وشوقه العلمي إلى التدريس، فإن ذلك كان في ظرف مؤقت قصير الأمد لم يتجاوز سنة، لأنه في السنة الموالية قام أمير قسنطينة أبو العباس الحفصي بهجوم على بجاية وسقط أمير بجاية ابن عم المهاجم قتيلا ومنيت جموعه بهزيمة ساحقة، وانحاز ابن خلدون إلى