للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه، وأكثر ما نُقِم على سماك هو التلقين؛ لذا فقد ضُعِّف بسببه، وقد أمناه هنا؛ قال يعقوب بن شيبة السدوسي: "ومن سمع منه قديمًا مثل شعبة وسفيان: فحديثهم عنه صحيح مستقيم".

ومما نُقم على سماك أيضًا: اضطرابه في حديث عكرمة، ذلك لأنه كان يقول فيه: عن ابن عباس، وقد أمنا خطأه هنا لما قد علمت، أعني لمجيئه من طريق سفيان عنه، فإنه كان يميز ذلك منه؛ قال ابن المديني: "روايته عن عكرمة مضطربة، فسفيان وشعبة يجعلونها عن عكرمة، وأبو الأحوص وإسرائيل يجعلونها عن عكرمة عن ابن عباس" [تاريخ دمشق (٤١/ ٩٧)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٩٧)، التهذيب (٣/ ٥١٧)، الميزان (٢/ ٢٣٢)].

وأما قول الذهبي في السير (٥/ ٢٤٨) في سلسلة إسناد: سماك عن عكرمة عن ابن عباس: "ولا ينبغي أن تُعدَّ صحيحةً؛ لأن سماكًا إنما تُكُلِّم فيه من أجلها".

فإن هذا ليس على إطلاقه؛ فإن قامت القرائن التي تدل على صحتها فهي صحيحة، لكنا هنا نجد ما يوافق كلام الذهبي!

فقد روى يحيى بن أبي كثير وسليمان التيمي عن عكرمة خلاف ما رواه سماك عنه، كما تقدم بيانه؛ كما أنه قد صح عن ابن عباس من طرق صحيحة، على شرط الشيخين خلاف ما رواه سماك أيضًا:

فقد روى قتادة، قال: قلت لجابر بن زيد: ما يقطع الصلاة؟ قال: قال ابن عباس: الكلب الأسود، والمرأة الحائض.

وهو موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح، على شرط الشيخين.

ورواه عبيد الله بن أبي يزيد الليثي المكي، أنه سمع ابن عباس، قال: يقطع الصلاة: الكلب، والمرأة الحائض.

وإسناده صحيح على شرط الشيخين، موقوف على ابن عباس.

وقد تقدم ذكر هذين الأثرين في الحديث السابق (٧٠٣)، وهذان إسنادان لا مطعن فيهما، وهما أصح من إسناد سماك.

وعليه: فالأقرب عندي: تقديم ما رواه اثنان من أصحاب ابن عباس: جابر بن زيد، وعبيد الله بن أبي يزيد، على ما رواه عكرمة من طريق سماك عنه، لا سيما وقد خولف فيه سماك عن عكرمة، والله أعلم.

ب- وروى يحيى بن ميمون الضبي أبو المعلى العطار [ثقة]: حدثنا الحسن العرني، قال: ذُكر عند ابن عباس: يقطع الصلاةَ الكلبُ والحمارُ والمرأةُ، قال: بئسما عدلتم بامرأةٍ مسلمةٍ كلبًا وحمارًا، لقد رأيتني أقبلت على حمارٍ، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس، حتى إذا كنت قريبًا منه مستقبله نزلت عنه، وخليت عنه، ودخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته، فما أعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته، ولا نهاني عما صنعت، ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس،

<<  <  ج: ص:  >  >>