للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال في المعرفة (٢/ ٤٥٥): "ورواه حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، فقال: "في غير خوف ولا مطر"، ورواية أبي الزبير أولى، لموافقتها رواية عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس، وأما قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته؛ فقد يجمع بينهما لأجل المطر، حتى لا يحرج أمته بالعود إلى المسجد والمشي في الطين، والله أعلم".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٢/ ٢١٠): "هكذا يقول الأعمش في هذا الحديث: عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "من غير خوف ولا مطر وحديث مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فيه: "من غير خوف ولا سفر"، وهو الصحيح فيه إن شاء الله، والله أعلم.

وإسناد حديث مالك عند أهل الحديث والفقه: أقوى وأولى، وكذلك رواه جماعة عن أبي الزبير كما رواه مالك: "من غير خوف ولا سفر"، منهم الثوري وغيره؛ إلا أن الثوري لم يتأول فيه المطر، وقال فيه: لئلا يحرج أمته".

وقال الخطابي في المعالم (١/ ٢٢٩): "هذا حديث لا يقول به أكثر الفقهاء، وإسناده جيد إلّا ما تكلموا فيه من أمر حبيب"، ثم ذكر مذاهب الناس فيه.

قلت: وهو كما قالوا؛ وقد تعقب ابنُ تيمية البيهقيَّ بقوله: "تقديم رواية أبى الزبير على رواية حبيب بن أبى ثابت: لا وجه له؛ فإن حبيب بن أبى ثابت من رجال الصحيحين، فهو أحق بالتقديم من أبى الزبير، وأبو الزبير من أفراد مسلم، وأيضًا فأبو الزبير اختلف عنه عن سعيد بن جبير في المتن، تارة يجعل ذلك في السفر، كما رواه عنه قرة، موافقة لحديث أبى الزبير عن أبى الطفيل، وتارة يجعل ذلك في المدينة، كما رواه الأكثرون عنه عن سعيد،. . ."، ثم أطال وأسهب في الرد [مجموع الفتاوى (٢٤/ ٧٥)].

* قلت: لم يختلف على أبي الزبير في متن الحديث اختلافًا قادحًا يدل على عدم ضبطه للحديث، بل الوهم في المتن إنما هو من قرة بن خالد، كما تقدم بيانه في الحديث السابق، حيث بينت أن قرة لم يضبط هذا الحديث، وكان يضطرب في إسناده ومتنه.

ومن دلائل ضبط أبي الزبير لهذا الحديث: أنه روى حديثين في الجمع بين الصلاتين بإسنادين مختلفين، وسياقين مختلفين، وفي أحدهما قصة طويلة، ولم يسلك فيه الجادة المعروفة، إذ لم يرو واحدًا منهما عن جابر، ثم إنه قد رواه عن أبي الزبير جماعة من الثقات الحفاظ والأئمة النقاد.

وأما حديث الأعمش: فإنه وإن كان إسناده كوفيًّا؛ إلا أن عدم اشتهاره عن الأعمش، على علو كعبه ومكانته في الحفظ والعلم، ليجعل النفس لا تطمئن إليه؛ ونحن لا نشكك في ثبوته عن الأعمش، فهو ثابت عنه، ولكن ترك الحفاظ المكثرين من أصحاب الأعمش لروايته عن الأعمش مع علمهم به، ولعلهم تحملوه عن الأعمش ثم امتنعوا من التحديث به عن الأعمش، لأجل هذه اللفظة التي تفرد بها حبيب، فأين أصحاب الأعمش

<<  <  ج: ص:  >  >>