للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأزهري، وليس له كثير رواية، فهو في عداد المجاهيل، ولم أقف له على ترجمة، ورواية الجماعة هي الصواب.

قال القاضي عياض في إكمال المعلم (٣/ ٢١٥): "وظاهره خلاف ما تقدم وأنها راتبة العصر، وقد يجمع بينهما أنهما ركعتا الظهر؛ لأنهما إنما يصليان قبل العصر لئلا تختلف الأحاديث".

وقال أيضًا: "لكن فى حديث عائشة زيادة فائدة بقولها: ثم أثبتها، وكان إذا صلى صلاة أثبتها، فجاء هذا مطابقًا لقولها فى الحديث الآخر: ما تركهما في بيتي قط؛ أي: بعد قصة أم سلمة، وهذا أولى من قول من قال: كان فعله ذاك عندها سرًا، فلذلك لم تخبر به السائل، وأحالته على أم سلمة، وكيف يصح هذا وقد أخبرت به غيرَ واحد، وقالت فى رواية الأسود: ما تركهما في بيتي قط، سرًا ولا علانيةً".

* قلت: محمد بن أبي حرملة المدني: ثقة، روى عنه مالك في موطئه، وروى له الشيخان في صحيحيهما، وقال النسائي: "ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (٣/ ٥٣٨)]، وليس من شرط الثقة ألا يهم، وقد وهم في هذا الحديث في مواضع:

الأول: قوله في الحديث: كان يصليهما قبل العصر، والمحفوظ من رواية الجماعة عن أبي سلمة عن أم سلمة في هذا الحديث: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بعد الظهر ركعتين.

الثاني: المحفوظ عن عائشة في هذه القصة: أنها لما سئلت عن الركعتين بعد العصر، أحالت السائل إلى أم سلمة، فقالت له: اذهب فسل أم سلمة، وأن هذا الجواب إنما وقع من أم سلمة، لا من عائشة، وعليه: فهذا الحديث من مسند أم سلمة، لا من مسند عائشة، هكذا رواه: يحيى بن أبي كثير، وعبد الله بن أبي لبيد، ومحمد بن عمرو بن علقمة؛ عن أبي سلمة، فجعلوه من مسند أم سلمة.

الثالث: قوله في هذا الحديث: ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة أثبتها؛ دخل له حديث في حديث، أما حديث الركعتين بعد العصر، فإن أم سلمة كانت تخبر أنها لم تر النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاها في بيتها إلا مرة واحدة، وأما عائشة فقد صح عنها من طرق مستفيضة يأتي ذكرها: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما دخل عليها بعد العصر إلا صلى ركعتين، وهذا معنى قوله في هذا الحديث: ثم أثبتهما.

* وأما قوله: وكان إذا صلى صلاة أثبتها، فلا يُحفظ في هذا الحديث؛ وإنما هو محفوظ من حديث أبي سلمة عن عائشة في حديث آخر:

فقد روى محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كانت لنا حصيرة نبسطها بالنهار، ونحتجرها علينا بالليل، قالت: فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلةً فسمع مَن كان في المسجد صلاتَه، فأصبحوا فذكره أولئك للناس، فكثروا في الليلة الثانية، قالت: فاطلع إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "اكلفوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يملُّ حتى تملُّوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>