للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسوَّار (١)، وكُثَار (٢) الحُكَّام الذين وُلُّوا في عُنفوان (٣) الأعمار، فتوجَّه إلى المدينة الشَّريفة في موكبٍ من العزِّ حفيل، والسَّعدُ يُجاري عنانه وهو بإنجاح القصد له كفيل، فباشر الوظيفة كأحسن من باشر، وعاشر المؤالف والمخالف بالإحسان، فياحُسْنَ ما عاشر، ثم بعد قليل، أكثروا من القال والقيل، وحرمت الأعداء المقيل، وتوسَّلوا إلى التَّهجين بكلِّ ما إليه سبيل، وأَنْهَوا لأرباب الدول أموراً في شرحها تطويل، ولم يبرح للحُسَّاد بِمن ساد على الإفساد تعويل، فوقع الاِّتفاق على تشريكه مع شخصٍ من أكابر مشايخ صَقِيل، فاستقلَّ أحمد بالحكم والزَّعامة، وباشر الصَّقيل بالخَطابة والإمامة، واستقرَّ فيها سَنَة، ولم يُجرِ الدَّهر لحصانهِ رَسَنَه، فرجع إلى مصره، ووَجِعَ على إِصْره (٤)، وفُجِعَ بِموته أهل نصره، وظهر له بعد اشتهاره بالفقر أموال، وأعاد الله الوظيفتين إلى أحمدَ على أحمدِ مِنْوَال، والويلُ لمَنْ مالَهُ من الله وال، وماله من التَّقوى لباس، فماله من التِّقوال باس، واستقرَّ فيها استقرار الدرَّة في اللُّجَّة، وإذا ركزته في المنصب تداور الأُكْرَة (٥) في الفُجَّة (٦).


(١) سوّار بن عبدالله بن سوّار، العنبري البصري، كان قاضياً على الرصافة ببغداد، سمع من يحيى بن سعيد القطان، وبشر بن المفضل وغيرهما، وحدّث عنه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. وكان شاعراً مفوهاً توفي سنة ٢٤٥ هـ. سير أعلام النبلاء، ١١/ ٥٤٣، تاريخ بغدد ٩/ ٢١٠.

… يريد معاذ بن جبل لما وجَّهه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضياً إلى اليمن، وعتاب ابن أسيد الذي ولاَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة. وسوَّار بن عبد الله قاضي الرُّصافة من بغداد.
(٢) كثار: جماعات. القاموس (كثر) ص ٤٦٨.
(٣) عنفوان: أوَّل. القاموس (عنف) ص ٨٣٩.
(٤) إصره: ذنبه. القاموس (أصر) ص ٣٤٣.
(٥) الأكرة: الكُرة. القاموس (أكر) ص ٣٤٤.
(٦) الفجة: الفُرْجَة. القاموس (فجج) ص ٢٠١.