للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

راسخةٍ في العلم، وثباتِ جأشٍ على الاشتغال والانقطاع عن المنال والمال.

وكان عنده كتبٌ جليلة، ونُسَخٌ نفيسة حفيلة، وقَفها كلَّها على أهل العلم، وجعل مَقرَّها المدرسة الشَّهابية في خزانتها، وشرطَ ألا تُغيَّرَ الخزانةُ من موضعها، فلمَّا تغيَّرت الأُمور غُيِّرت، وصُيِّرت الكُتب إلى حيث سُيِّرت، واللهُ تعالى يُصلح الأحوال، ويحفظنا من شرور منكرات هذه الأهوال.

مات سنة إحدى وعشرين وسبعمائة رحمة الله عليه.

٧٨ - محمدُ بُن أحمدَ بنِ خلفِ بن عيسى (١)، الشيخ جمالُ الدِّين الخَزْرجيُّ السَّعديُّ، العباديُّ، المدنيُّ، الشَّهير بالمطريِّ.

رئيسُ المُؤذِّنين بالحرم الشَّريف النَّبوي، صلَّى الله على ساكنه وسلَّم.

كان إماماً مُقدَّماً في فنونٍ من العلوم، أمَّا تقدُّمُه في الحديث فمشهورٌ معلوم،

والفقه كان ابنَ بَجْدَتِه (٢)، وأما التاريخ فطلاَّعُ أَنْجِدَتِه (٣)، ناب عن القاضي شرفِ الدِّين (٤) في الحكم والخَطابة والإمامة، فَوَفَّى في خلافته حقَّ الرِّئاسة والزَّعامة.

وكان سالكاً مسالك الأولياء المتقين، مُتخلِّقاً بآداب الأتقياء المُحقِّقين، قائماً بِحقوق الواردين، صارفاً عُمره في خدمة كبراء الفقراء الوافدين.


(١) نصيحة المشاور ص ١٤٩، الدُّرر الكامنة ٣/ ٣١٥، وفيها (بن خالد بن عيسى)؟ وهو تصحيف، و "لحظ الألحاظ" لابن فهد ص ١١٠، التحفة اللطيفة ٣/ ٤٦٦، ذيل التقييد ١/ ٤٣.
(٢) يقال في المَثَل: هو ابن بَجْدَتِها، للعالم بالشَّيء، ولَمنْ لا يُبرحُ عن قوله. القاموس (بَجد) ص ٢٦٦.
(٣) الأنْجدة: جمع النُّجود، والنُّجود جمع النَّجْد، وهو ما أشرف من الأرض، وفي استعمال المؤلف استعارة. القاموس (نَجد) ص ٣٢١.
(٤) شرف الدين الأميوطي، محمد بن محمد، وقد تقدمت ترجمته.