للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سميت مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسكينة؛ لأنها مسكن المساكين، سكنها كل خاضع لله تعالى خاشع لجلاله مستكين، يثوي بها كل فاتر ضعيف ما به حراك ويأوي إليها كل مقعد أزمنه الزمن بالسكون والابتراك (١)، فإلى الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - سكونه، وإلى الطاعات والعبادات وملازمة الخيرات ميله وركونه، أسكنه الفقر عن الاضطراب للاغتراب، وأمكنه الدهر من الفوز بالدنو من جناب الحبيب والاقتراب، فخصه الله تعالى من التمكن في هذا المكان بالمكانة المكينة، وأنزل على قلبه التأييد والتمسك بالسكون والسكينة، وأباح له السعادات المبينة، وأتاح السكون في باحات المسكينة.

[ومن أسمائها]

المسلمة: ذكرها صاحب معجم البلاد في أسماء مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وقد تقدم في أسمائها المؤمنة ومدينة الإيمان، وذكرنا معناهما والوجه في تسميتها بذلك.

وأما الإسلام في اللغة فعلى معنيين، أحدهما: الانقياد إلى الله تعالى بالطاعة والاستسلام، قالَ الشاعر:

وأسلمت نفسي لمن أسلمت … له المزن تحمل عذبا زلالا

المزن: السحاب. واستسلامه انقياده لأمر الله تعالى؛ لأنه يمشي بأمره كما شاء لا يخالف. وكذلك المرء المسلم، هو المنقاد له بالطاعة لا يخالف ما أمر به إخلاصًا ويقينًا.


(١) الابتراك: الاعتماد، يقال رجل مبترك أي: معتمد على الشيء مُلحٌّ. اللسان (برك) ١٠/ ٣٩٧.
(٢) معجم البلدان ٥/ ٨٣.