للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مالك بن منيف يقول: أراك حريصاً على إمرة المدينة وأنت عمي وصِنْوُ أبي، وقد كنتَ له معاضداً مساعداً، وعمَّا يكره مجانباً ومُباعداً، ونحن نتجنب عقوقك، ويجب أَنْ نحترمك ونرعى حقوقك، وقد استخرتُ الله تعالى، ونزلتُ لك عن إمرة المدينة طوعاً، وتركتها غيرَ مُكْرَهٍ ولا موصلٍ إلى أحدٍ بقتالك رُعباً ورَوْعاً، فَسُرَّ بذلك جمَّازُ وشكر على إزاحة الفساد، وحمِدَ الله تعالى على حقن الدماء وبلوغ المراد، واستقلَّ بالإمارة من يومئذٍ إلى أَنْ حَلَّ في حُفْرته، ثمَّ استقرت إلى الآن بيدِ أولاده وذرِّيته.

٣٦ - شاه شجاع (١)، الملك المُطاع، والسُّلطان الرَّوَّاع، والخاقان (٢) القنَّاع (٣)، جلال الدِّين، أبو الفوارس بن الملك المؤيَّد، والسُّلطان المسدَّد، والصِّنديد الأَصْيَدُ (٤)، مبارزُ الدِّين محمدُ بن المظَّفر، ومَنْ نصيبُه من جميع الفضائل مُوفَّى موفَّر، وصناديدُ الأرض في انفساحات ساحاته تفتخر بالعُنق الخاضع والخَدِّ المُعفَّر (٥).

أحيا الله تعالى به دولةً زهت بِمُلكها على الأنام، وتاهت محاسنُه المجتمعة فيه على ملوك الأيَّام، وتاهت بما أُوتيه من حِلمٍ كأنَّما استلبه الورى فهم لديه بلا أحلام، ملَّكه الله في البسيطة أَزِمَّة البسط والقبض، والإعلاء والخفض، والإبرام والنقض، فهو عينُ الأيَّام، بل نورُ إنسانِها، وزينةُ الأنَام


(١) التحفة اللطيفة ٢/ ٢٠٩، نقلاً عن المؤلف، الدرر الكامنة ٢/ ١٨٧،
المنهل الوافي ٦/ ٢٠٤، واسم أبيه: محمد.
(٢) الخاقان: اسم لكل ملك من التُّرك. القاموس (خقن) ص ١١٩٤.
(٣) القَنَّاع: المنسوب إلى القِنَاع، وهو السَّلاح. القاموس (قنع) ص ٧٥٧.
(٤) الصنديد: السيد الشجاع، والأصيد: الملك. القاموس (صند) ص ٢٩٤، (صيد) ص ٢٩٥.
(٥) هذا من الخضوع المذموم المحرم، ولربما وصل إلى الشرك، وإنما يكون احترام السلاطين والعلماء بما هو مشروع في الدين لاخضوع الأعناق وتعفير الخدود بالتراب.