للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكر الحوادث التي حدثت

في المسجد الشريف

فأعظمها وأكثرها احتراق المسجد الشريف قدسه الله تعالى (١).

ذكر أشياخ المدينة وعلماؤها أنه لما كانت ليلة الجمعة، أول شهر رمضان سنة أربع وخمسين وستمائة في أول الليل، قال أكثر الناس: دخل أبو بكر بن أوحد-أحد الفراشين والقوّام بالمسجد الشريف- حاصلَ الحرم ومعه نار، فغفل عنها إلى أن علقت في بعض الأخشاب التي كانت في الحاصل، فلم يكن إلا كلا ولا (٢)، حتى احترق الفراشُ والحاصلُ وجميع ما فيه، ودنت إلى السقوف، وأعجلت الناس عن إطفائها، فلم يمض إلا أقلُّ من القليل حتى استولى الحريق على جميع سقوف المسجد الشريف، واحترق جميع السقف بحيث لم يبق فيه خشبة واحدة.

وبقيت السواري قائمة كأنها جذوع النخل؛ إذا هبت الرياح تتمايل تمايل النشوان. وذاب الرصاص من بعض الأساطين، فسقطت، ووقع السقف الذي كان على أعلى الحجرة المقدسة على سقف بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فوقعا جميعاً على القبور المقدسة، وأصبح الناس يوم الجمعة وليس لهم موضع يصلون فيه الجمعة [فعزلوا] (٣) موضعاً للصلاة.

وَنَظَمَ بعضُهم في ذلك (٤):


(١) ذكرت القصة في الذيل على الروضتين ١٩٤، التعريف ٢٧، البداية والنهاية ٧/ ٢٠٥، عِقد الجمان ١/ ١٢٨، النجوم الزاهرة ٧/ ٣٦.
(٢) كناية عن سرعة حدوث الاحتراق، قال في اللسان (لا) ١٥/ ٤٦٨: (والعرب إذا أرادوا تقليل مدة فعل أو ظهور شيء خفي قالوا: كان فعله كلا، وربما كرروا فقالوا: كلا ولا).
(٣) في الأصل (فنزلوا) وهو تصحيف.
(٤) هو أبو شامة المقدسي الدمشقي، والبيتان في كتابه الذيل على الروضتين ١٩٤.