للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المصرية (١)، وأعرض عن المنصب إعراضاً كليَّة، ولم يزل مُقبلاً على شأنه إلى أن وافته المنية.

٨٧ - مُقْبِلُ بن عبد الله، زينُ الدِّين الرُّوميُّ، الشَّهيرُ بِمُقْبِلٍ الكبير (٢).

كان عند الملك النَّاصر حسنِ بنِ محمدٍ بن قلاوون (٣) من الخواصِّ المُقدَّمين،

والنُّجباء المُعظَّمين، وله في ذلك الوقت انتماءٌ إلى أهل العلم وخدمتهم، واعتزالٌ (٤) لاعتقادهم ومحبَّتهم، واشتهارٌ بتعظيمه وإقامة حرمتهم، واعتمادٌ في جُلِّ أموره على خاطرهم وهمَّتهم، فساقته تلك العادات والخلائق، إلى الانقطاع بالكلية عن جميع العلائق، وتَبَتَّل للقيام بخدمة الحرمين، بِهمَّةٍ في العلو تُشامخ الهَرَمين (٥).

جاور مدَّةً بحضرة البيت العتيق، وعطَّر مَنَاشقَ الخَلقِ من الخُلقِ المُنَافج (٦) للمِسك العتيق، فتارةً قام يرفع ما سقط من سقف الحرم، وتارةً وقف على إجراء الماء من مِنى إلى بِرْكَة السَّلَم، وتارةً تصدَّى لإصلاح ما دثر من آبار عرفات، وتجديد ما تشعَّث (٧) من الحرمين من معالم تلك الأرْفَات (٨).

فأوثق له بطريق الخير اعتلاقاً وارتباطاً، وبنى بمكَّة شرَّفها الله من خالص ماله رباطاً، فصادفت أعماله القبول، وبلَّغه الله بحسن نيَّته غاية المأمول،


(١) حج سنة خمسٍ وستين، ثم توجَّه إلى القاهرة.
(٢) الضوء اللامع ١٠/ ١٦٧.
(٣) مولده سنة ٧٣٥ هـ، وقتل سنة ٧٦٢ هـ. الدرر الكامنة ٢/ ٣٩.
(٤) في الأصل اعتزالاً بالنصب، ولعلَّه خطأ من الناسخ.
(٥) يريد أهرام مصر العالية.
(٦) المنافج: الذي هبَّ بالروائح الطيبة. اللسان (نفج) ٢/ ٣٨١.
(٧) تشعث: تفرَّق وانتشر. القاموس (شعث) ص ١٧١.
(٨) الأرفات جمع رُفات، وهو الحُطام. القاموس (رفت) ص ١٥٢.