للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وساقته يد العناية إلى خدمة الرَّسول.

فانتقل إلى الحرم المدنيِّ مجاوراً، وأقبل على سلوك النَّهج السُّنيِّ باطناً وظاهراً، فاتَّفقت في أثناء جِواره وفاةُ ياقوت (١)، /٥٢٤ وأجمعت الهِمَم على ولاية شخصٍ محبوبٍ إلى القلوب غيرِ مَمقوت، فصادف مُقِبلٌ من الخواطر إقبالاً، وكتب له قلم التَّقدير من القَبول مَنالاً، فأتته المشيخة مُنقادة، لأنَّه جعل على الله اعتماده، وعلى عنايته تُكْلَانه واستناده.

فباشرها بسيرةٍ حميدة، وسريرةٍ سعيدة، وبصيرةٍ سديدة، وسجيَّةٍ عن العسير وشكاسةِ الأخلاق بعيدة، بلطفٍ عند الحق ألينَ من الوصال، وعنفٍ عند الباطل أحسنَ من النِّصال، والمأمولُ من الله الكريمُ إعانتُه على تمهيد الأمور، وتسديد مصالح الجمهور، وتجديد ما دَثَر من معالم الوقوف، وتشديد القول في صرف ما يتعين للفقراء من مصروف، وتأييد أهل العلم فيما يُشيرون إليه من نهي المنكر وأمر المعروف (٢).

٨٨ - مُهنَّا بنُ سِنان (٣)، الشِّيعيُّ، الإماميُّ، القاضي نجمُ الدِّين.

ذو الفضيلةِ الحفيلة، والآدابِ الجميلة، والمحاضرة الحلوة، والمحاورة التي لا يَعْتري مُحبُّها السَّلوة، قلَّ ما رُئِي شيعيٌّ على طريقته، أو إماميٌ جُبِل على خليقته.

كان في موالاة أهل السُّنة إلى الأمد الأقصى، ولا يدع في حُسن مَمَالأة المجاورين وحميد شيمته نقصاً، يتجاهر في محبَّتهم بِما يُنبئ عن حسن عقائده، ويتظاهر بذلك فيمدحهم بالمدائح البليغة من غُرر قصائده، ويُوافقهم


(١) ياقوت بن عبد الله، ستأتي ترجمته في حرف الياء، وكانت وفاته سنة ٧٨١ هـ.
(٢) وكانت وفاته سنة ٨١٩ هـ.
(٣) مهنَّا بن سنان بن عبد الوهاب بن نُميلة الحسيني. الدُّرر الكامنة ٤/ ٣٦٨.