للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فصل في آداب الزائر]

اعلم أن الأدب شرط في أعمال البر كلها، فرضها ونفلها، وكذا في سائر الأحوال والأعمال والعلوم والمعارف والمقامات والمنازل كلها، حتى قال بعض المشايخ: ليكن عملك مِلْحاً، وليكن أدبك دقيقاً، وهذا كلام لوخط بالذهب لكان حقيقاً، أي: ليكن أدبك في أمورك أكثر من عملك؛ لأن بكمال الأدب تحصل وتظهر ثمرة العبودية والمقصودُ منها.

ولهذا قال أبو علي الدَّقَّاق (١): العبد يصل بطاعته إلى الجنة، ويصل بأدبه إلى الله تعالى. وقال: ترك الأدب يوجب الطَّرْد، فمن أساء الأدب على البساط رد إلى الباب، ومن أساء الأدب على الباب رُد إلى سياسة الدواب (٢).

وقال ابن المبارك (٣): نحن إلى قليل من الأدب أحوج [منا] (٤) إلى كثير من العلم (٥).

وأطال العلماء الكلام على الأدب وقل من يَتعرَّضُ لتعريفه، ويتعدى عن نعته وتوصيفه.


(١) الحسن بن علي بن محمد، أبو علي الدقاق شيخ الصوفية، كان زاهداً عالماً، أخذ عنه القشيري صاحب الرسالة، وأكَثَرَ من الرواية له. توفي سنة ٤٠٦ هـ. شذرات الذهب ٣/ ١٨٠، تاريخ الإسلام للذهبي وفيات ٤٠١ - ٤١٠.
(٢) الرسالة القشيرية ٢/ ٥٥٩ - ٥٦٠.
(٣) عبد الله بن المبارك المروزي مولى بني حنظلة، ثقة ثبت، عالم جواد كريم مجاهد أديب، جمع من كل خصال الخير ما غبط عليه، وتمنى كل الوصول إلى ما وصل إليه. توفي سنة ١٨١ هـ. العبر ١/ ٢١٧، سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٧٨.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. …
(٥) الرسالة القشيرية ٢/ ٥٦١.