للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأمَّا ضِلَع بني مالك، فيحلُّ به النَّاس، ويصطادون صيدها، ويختلُّ (١) بِها، ويرعى كلأها.

وأمَّا ضِلَع بني شيصبان: فلا يُصطاد صيدها، ولا يختلُّ بِها، ولا يرعى كلأها، وربما مَرَّ عليها مَنْ لا يعرفها فأصابوا من كلأها فأصابهم شر.

ولم يزل النَّاس يذكرون كفر هؤلاء، وإسلام هؤلاء.

قال أبو زياد (٢): وكان من جملة ما تبيَّن لنا من ذلك، أنه أخبرنا رجل من غَنيٍّ، ولغنيٍّ ماءٌ إلى جنب ضِلَع بني مالك-قال: بينما نحن-بعد ما غابت الشمس-مجتمعون في مسجدٍ لنا، صلَّينا فيه على الماء، فإذا جماعةٌ من رجالٍ، ثيابُهم البياض، قد انحدروا علينا من قبل ضلع بني مالك، حتى أتوا وسلموا علينا، فوالله ما ننكرُ من حال الإنس شيئاً، فيهم كهولٌ قد خضبوا لحاهم بالحِنَّاء، وشبابٌ، وبين ذلك، قال: فتقدَّموا فجلسوا فنسبناهم، وما نشكُّ أنَّهم سائرةٌ مرَّتْ من الناس. قال: فقالوا حين نسبناهم: لا ننكر عليكم، نحن جيرانكم بنو مالك، أهل هذا الضِّلَع. قال: فقلنا: مرحباً بكم وأهلاً، فقالوا: إنَّا قد فزعنا إليكم، وأردنا أن تدخلوا معنا في هذا الجهاد، إنَّ هذه الكفَّار من بني شيصبان لم نزل نغزوهم منذ كان الإسلام، ثمَّ قد بلغنا أنَّهم قد جمعوا لنا، وأنَّهم يريدون غزونا في بلادنا /٣٥٤ ونحن نبادرهم قبل أن يقعوا ببلادنا، ويقعوا فيها، وقد أتيناكم لتعينونا، وتشركوا ما معنا في الجهاد والأجر، قال: فقال رجلنا وهو مِحْجنٌ-قال أبو زياد: قد رأيتُه وأنا غلام-قال: استعينونا على ما أحببتم وعلى ما تعرفون أنا مُغنون فيه عنكم شيئاً، فنحن معكم. فقال:


(١) الخُلّة: ما فيه حلاوة من النبت، وإبلٌ خليّةٌ ومخلّةٌ ومختلّة: ترعاها، وأخلّوا: رعتها إبلهم. القاموس (خلل) ص ٩٩٤.
(٢) أبو زياد الكلابي، في (نوادره) وقد تقدمت ترجمته.